التلحين.. مهنة احتكرها الرجل وغابت عنها المرأة

الصفحة الاخيرة 2021/02/08
...

بغداد : نورا خالد

ولجت المرأة العراقية والعربية عالم الغناء والطرب على مدى العقود الماضية، حتى ان كثيرات اكتسبن شهرة نافسن فيها كبار المطربين، الا أن التلحين لا يزال عصياً على المرأة عبر كل هذه السنوات، سوى محاولات نادرة وقليلة للبعض، ولغرض الوقوف على اسرار هذه الظاهرة التقينا ببعض من اصحاب الاختصاص.  

 اذ يرى الملحن سرور ماجد انه « لا يوجد في البلدان المتطورة عائق يقف بوجه المرأة ازاء مهنة التلحين، عكس المجتمعات العربية التي تضع عوائق اجتماعية تحول دون دخول المرأة هذا المجال، لذلك اصبحت مهنة تخص الرجال حصراً».
ويؤكد ماجد أن «التلحين هو بصمة وملكة، فليس كل شخص، سواء كان رجلاً او امرأة، قادراً على وضع اللحن للنص الغنائي، فهو يحتاج بالاضافة الى الموهبة لقدرة ابداعية ودراسة عميقة تحول النوتة الى اغنية يسمعها الجمهور ويتفاعل معها، وهذا صعب في ظل غياب تعليم الموسيقى في المدارس».  
ويوضح الفنان وحيد علي أن « شح الملحنات ليس له تفسير واضح، رغم ان الكل يتفق على ان التلحين موهبة تولد مع الشخص ولا تأتي بالدراسة، ويعزو علي السبب ايضاً الى اهتمام المعاهد الموسيقية بتدريب الرجال وتفضيلهم على النساء في هذا المجال، كما ان المرأة وان كانت لديها ميول فنية، فدائماً ما تذهب صوب الغناء وتنسى التلحين».  
ويبين»توجد نماذج عدة لفنانات على مر السنوات كانت لهن محاولات في التلحين منها في العراق المطربة الكبيرة مسعودة العمارتلي، التي كانت تمتلك صوتا شجيا وكانت لديها محاولات تلحينية مثل «سودة شلهاني، شال العزيز، عزيزين، يا سكينة»، كما أن هناك عازفة بيانو شهيرة وهي باتريس اوهانيسيان الفت مجموعة كبيرة من القطع الموسيقية، على مستوى الوطن العربي ونالت رضا الكثيرين، اما على المستوى العربي فهناك المطربة اللبنانية لور دكاش التي لحنت وغنت اغنية شهيرة جدا اسمها « امنت بالله» والملحنة السودانية اسماء حمزة، التي تعزف العود وتلحن واصبحت ظاهرة كبيرة في بلدها اذ لحنت لكثير من مطربي السودان، ولا ننسى كوكب الشرق ام كلثوم التي لحنت في بداياتها اغنيتين وهما «على عيني الهجر، ويا نسيم الفجر»، الا انها سرعان ما تركت هذا المجال واتجهت الى
 الغناء».  
ويرجع الملحن رحيم هاشم صعوبة مهنة التلحين بالنسبة للمرأة ليس لكونها غير قادرة على ذلك وانما لما يتطلبه دور الملحن من التواصل مع العديد من الرجال خلال مراحل نضوج الاغنية في الأداء والتوزيع وما يتطلبه من جهد وسهر إلى وقت متأخر ولعدة ايام او اسابيع وهنا تكمن صعوبة المهنة بالنسبة للمرأة، اذ ان مجتمعنا العشائري يرفض مثل هكذا مهنة، بل يعتبرها معيبة فهذه المفاهيم حرمت المرأة من العديد من المساهمات الفنية».  
المطربة ايمان البصري والتي كانت لها عدة محاولات في مجال التلحين قالت «كثيرة هي المعوقات التي تمنع المرأة من مزاولة مهنة التلحين، خاصة في الظروف الحالية، ومنها معارضة الاهل وعدم دعم المرأة من قبل اللجان المسؤولة، فالدعم المعنوي مهم جداً في مساندة المرأة ووصولها الى ما ترغب به».  
وتضيف «لحنت اكثر من سبعة نصوص وطنية ووجدانية، لكن لم تكن لدي الجرأة في تقديمها، بسبب كل ما ذكرته من معوقات، لذلك آثرت على نفسي اخفاء موهبتي ورضيت باحتكار الرجل لهذا المجال، رغم ان كل من سمع الحاني من ملحنين كبار اشادوا بها واكتفيت بموهبتي كمطربة «.  
اغلب النساء اللواتي كانت لهن تجارب لحنية لم يكن هذا مجالهن الحقيقي بل جاءت محاولاتهن من خلال دخولهن المجال الفني كمطربات او عازفات على احدى الآلات الموسيقية، لذلك لم يتخذن من التلحين مهنة لهن.