المربعات.. غناء تراثي يثير البهجة ويأبى الاندثار

الصفحة الاخيرة 2021/03/02
...

بغداد: نورا خالد 
المربع البغدادي لون من ألوان الغناء الشعبي التراثي، كان سائدا في المحلات الشعبية القديمة كمنطقة الفضل وباب الشيخ والأعظمية، يعكس الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبغداديين القدماء، يعتمد على اربع قواف ومن هنا اخذ اسمه. أخذ هذا الفن بالانحسار في السنوات الاخيرة وللوقوف على أسباب هذا الانحسار كان لنا هذا الموضوع.
 يرمي الباحث الموسيقي حيدر شاكر باللوم على المؤسسات، التي لها علاقة بالمحافظة على التراث في تراجع هذا النوع من الغناء قائلا «انحسر المربع البغدادي تدريجيا، بعد أن قل عدد مؤديه ومستمعيه، ولا يعرف الكثير من ابناء هذا الجيل هذا النوع من الغناء، بسبب انتشار الاغاني الحديثة التي تمتاز بسرعة الايقاع وابتعد اغلب المطربين عن غنائه»، مستدركا «يحاول عدد من مطربي المربع البغدادي  الابقاء عليه من خلال إقامة الحفلات والتعريف بهذا النوع من الغناء بمشاركتهم بالبرامج والندوات التي تقيمها المؤسسات
 الثقافية». 
ويعود شاكر الى بداية نشوء المربع البغدادي مبينا «عرف هذا الفن في العام 1927 ولكن الدراسات الحديثة تشير الى أن هذا النوع من الغناء كان موجودا منذ الزمن العباسي». مشيرا الى أنه «نوع من الغناء الشعبي له قراؤه ومنظمو اشعاره، يتناول كل جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والغزل، نشأ في المناطق الشعبية بالفضل والشيخ عمر».  
اما مطرب المربعات علي شاكر فكان له رأي آخر، اذ بين «لا يزال هناك جمهور واسع للطرب الأصيل ومنه المربع البغدادي واغلب هذا الجمهور يتمركز في مناطق بغداد القديمة، في مناسبات مثل عقد القران والختان والزواج وحفلات الحنة، حيث تستبدل (المزيقة الشعبية) بالمربعات البغدادية».  
موضحا أن «هناك العديد من المحافظات التي ترسل بطلبنا لاحياء مناسبات خاصة في كربلاء والنجف، كما أن أغلب الجاليات العراقية تقدم لنا دعوات لإحياء بعض الامسيات هناك، وفعلا أقمنا العديد منها في قطر والامارات. خاتما حديثه ويرى أن سبب تراجع المربعات يعود الى انتشار الاغاني الحديثة على الانترنت والموبايلات وسهولة الاستماع لها». 
يرتدي مطربو المربعات الملابس البغدادية الخاصة بالمربع، كالصاية والجراوية ويعتمدون على تصفيق اليدين بشكل ثنائي الترديد ثم رباعي الترديد، ولا يقف مطرب المربع البغدادي في مكانه حين يغني، بل يتحرك نحو فرقته تارة ونحو الحضور تارة أخرى، داعيا الجمهور للتفاعل معه.  
اشار الباحث التراثي عادل العرداوي في حديثه لجريدة الـ صباح الى أن «المربع عادة ما يكتب لنقد واقع اجتماعي، وان كثيرا من المربعات فيها قصص وحكايات طريفة واحيانا جانب سخرية». 
اما سبب انحسار المربع وعدم الاهتمام به حسب رأي العرداوي «فيعود الى المشكلة نفسها التي يعاني منها الغناء العراقي بشكل عام، بعد أن تخلت الدولة عن دعم الفن والفنانين، فسابقا كان هناك قسم الغناء والموسيقى في الاذاعة والتلفزيون، وهو المسؤول عن الاهتمام بالمطربين والفرق الغنائية ومنها التراثية، وبعد أن غاب هذا القسم، بقيت الفرق تتنقل في الحفلات الخاصة وفي الأعراس من دون اي دعم حكومي». 
أشهر مطربي المربع البغدادي هم: محمد الحداد، محمود شكري، شهاب ابن الحجية، ابراهيم كرادي، رشيد القندرجي، محمد العاشق، فاضل رشيد، عدنان الشيخلي وعلي شاكر، الا ان هناك بعض المطربين غنوا المربع البغدادي، امثال ناظم الغزالي وكاظم الساهر وتيسير السفير. 
اما رئيس قسم الفنون الموسيقية في معهد الفنون الجميلة هشام خليل فبين أن «للمربعات البغدادية جمهورا محبا لهذا النوع من الغناء، الذي عشقته الذائقة البغدادية من خلال بساطة تعبيره ووضوح معناه، ولكونه اصبح اليوم جزءا من الموروث الشعبي فهو يمرض، لكنه لا يموت فالمناطق الشعبية لا تزال تحتفظ بذكرياتها لهذا الفن، الذي مثل شخصيتها على الرغم من التطور الحاصل في تقديم الوان الغناء العراقي، فهو يعبر عن واقعهم اليومي ومناسباتهم الحياتية العامة، لذلك أجزم أن المربع البغدادي لا يندثر».