الموسيقى رسالة محبة وسلام

الصفحة الاخيرة 2021/03/16
...

سامر المشعل 
 
على الرغم من وجود أكثر من ستة آلاف لغة بالعالم، يتحدث بها سكان الارض، الا أن هناك لغة واحدة مشتركة يجتمع كل بني البشر بمختلف أديانهم وطوائفهم وقومياتهم على فهمها والاحساس بها، هي لغة الموسيقى التي ينتظم بني البشر في خيط حباتها، وهي النوطة الموسيقية.
الفن عموما والموسيقى خصوصا هما رسالتا سلام ومحبة وانسانية للمجتمع الانساني، وممكن أن تكون حلقة وصل لتقارب بني البشر بمختلف اديانهم وأطيافهم ومعتقداتهم، لربما هناك أناس مختلفون بأفكارهم واعتناقاتهم، ويرى أحدهم الى الآخر بعين العداوة والبغضاء، عندما يجتمعون على مائدة الموسيقى ويبدأ العزف، تتوحد مشاعرهم تجاه الموسيقى وتختفي مشاعر الكراهية في ما بينهم.كثيرا ما تعمل السياسات الخاطئة والمتشنجة والتطرف والتعصب الديني، على بث التفرقة ومشاعر الكره والغضب بين الشعوب والمجتمعات، لكن الموسيقى والغناء هما عاملان للتقارب وبث مشاعر الحب والامل والسلام بين المجتمعات والاطياف والاديان.. وهذه رسالة الفن الانساني الملتزم.
وهناك عدد من المبادرات الفنية في تقديم أناشيد واوبريتات تضم مجموعة من المطربين من مختلف البلدان العربية، تهدف الى تعزيز روابط الاخوة العربية وتوحيد المشاعر القومية للبلدان العربية، التي بدأها العراق في العام 1948 في إرسال مجموعة من الفنانين العراقيين الى فلسطين، للترفيه عن الجيش العربي أثناء حرب تحرير فلسطين، ومن ضمنهم الفنان ناظم الغزالي، وكانت هذه اول سفرة خارجية له.
كذلك قدم الموسيقار محمد عبد الوهاب في العام 1960 اوبريت “وطني حبيبي الوطن الاكبر” وشارك فيه عبد الحليم حافظ وصباح وشادية ونجاة الصغيرة وآخرون، وقدم الموسيقار فريد الاطرش اوبريت “بساط الريح”، وايضا قدم نشيد “الحلم العربي” الذي لحنه الموسيقار حلمي بكر، وشاركت فيه مجموعة كبيرة من المطربين من بلدان عربية مختلفة، كذلك قدم الفنان كاظم الساهر أغنية “مالي خلق” من كلماته والحانه جمع فيها مجموعة من الاطفال أثناء مشاركتهم في برنامج « the voice kids»  .. وغيرها.
وعلى مستوى الواقع العراقي فقد تسببت السياسات الخاطئة والنعرات الطائفية، على إحداث شروخ كثيرة في السلم الأهلي وادت في وقت ما الى التشرنق المناطقي والطائفي والقومي، لكن في الموسيقى تذوب الهويات الفرعية والانتماءات الطائفية، فابناء المنطقة الغربية يسمعون ويعشقون مطربي الجنوب مثل حسين نعمة وياس خضر وسعدون جابر، وبالمقابل أبناء الجنوب يسمعون مطربي الغربية مثل سعدي الحديثي ومحمد حسين مرعي ومحمد السامر، وابناء كردستان يعشقون كاظم الساهر ومهند محسن وهيثم يوسف والعكس صحيح.
أدعو مخلصا أن نمد كل جسور المحبة والتواصل الانساني وتعزيز قيم الاخوة والتعايش السلمي عبر الموسيقى والاغنية والقيم الروحية الأخرى، بين أبناء الوطن الواحد أو مع اشقائنا العرب أو مع المجتمع الانساني عموما.