كازنوفا الشرق.. محمد فوزي صوتٌ مفعمٌ بالعذوبة والدفء

الصفحة الاخيرة 2021/03/16
...

بغداد:  قاسم موزان 
 
يمتاز صوته بالدفء والعذوبة والحلاوة الادائية المتدفقة من روحه الجميلة، ابتسامته الشائقة تضيف دفقا لألحانه وأغنياته، التي ما زالت ترددها ذائقة عشاق فنه الأصيل، على الرغم من مرور خمسة وخمسين عاما على رحيله الموجع بمرض نادر، عجز الأطباء عن تشخيصه، انه المطرب والملحن الشفاف محمد فوزي، الذي أثرى الساحة الموسيقية بأروع ما يمتلك من ألحان وموسيقى استقرت في الذاكرة، كإرث ابداعي قل نظيره. 
ولد فوزي في العام 1918 في محافظة الغربية بمصر من أسرة متوسطة، وهو شقيق الفنانة الراحلة هدى سلطان، تعلم أصول الموسيقى على يد جندي إطفاء يدعى محمد الخربتلي وكان يصحبه للغناء في المناسبات، بعدها شد الرحال إلى القاهرة، حيت تتسع الدائرة هناك لموهبته، التي بدأت بوادر ملامحها الفنية بالظهور، لكنه عاش ظروفا عصيبة قبل أن ينتقل إلى فرقة بديعة مصابني وتعرف على فريد الأطرش ومحمد عبد المطلب والملحن محمود الشريف، وشاركهم في تلحين الاستعراضات الغنائية، ما شجعه لاختبار الإذاعة مطربا وملحنا ونجح في الثاني ولم يفلح في الأول، ولم يدب اليأس إلى قلبه وسعى لإحياء أعمال سيد درويش بالتعاقد مع الفرقة المصرية للتمثيل والغناء ممثلا و مطربا في مسرحية شهرزاد. ثم انتقل الى فرقة فاطمة رشدي التي كانت تقدر موهبته . 
لحن محمد فوزي نحو 239 أغنية لنفسه لعل اشهرها “اغنية مال القمر مالو و اغنية الشوق الشوق، اغنية تعب الهوى قلبي”، كما غنى بصوته للاطفال التي ما زالت تذاع الى يومنا هذا، فضلا عن تلحينه أغاني لمطربات ومطربين آخرين، وكان اول من قدم اغنية فرانكو اب “يا مصطفى يامصطفى”، ونالت شهرة عالمية بعد ترجمتها الى الانكليزية والفرنسية والايطالية، قام محمد فوزي ببطولة 36 فيلما سينمائيا، نصفها من انتاجه وهو رقم لم يصله اي مطرب غيره، كما انتج 47 فيلما لم يمثل فيها، ففي فيلم “معجزة السماء” قدم لونا فنيا أثار استغراب الوسط الفني في اغنية “كلمني ضمني”، اذ “اكتفى فيها على صوت خفي للكورال وهو فن استعراضي سمعي، يستغني عن مصاحبة الفرقة الموسيقية وآلاتها ويعتمد الصوت البشري من كل الطبقات، وهو يطلق عليه فن الكابيلا” من الجدير بالذكر ان محمد فوزي وضع موسيقى النشيد الوطني الجزائري في العام 1956 واعتمد بعد استقلال الجزائر عن فرنسا في العام 1963.  
أسس الراحل في العام 1958 شركة مصرفون للاسطوانات لتكون في متناول الجميع بأسعار زهيدة، وأسهمت هذه الشركة في نشر الأغاني في العالم العربي، لكن الرئيس عبد الناصر قد أمم الشركة وعينه بصفة مدير لها براتب 100 جنيه ولعل دوافع هذا الاجراء القسري غير خافية على احد، فالفنان في الانطمة الشمولية يحتاج الى غطاء سياسي، ومحمد فوزي لم يتمتع بهذا الغطاء مثل غيره، بعد تأميم شركته أصيب بانكسار نفسي حاد عجّل من تفاقم حالته الصحية، توفى المطرب الوسيم الذي كان يطلق كازنوفا الشرق في برلين في العام 1966 بعد رحلة ابداعية فائقة الروعة، مات وفي جعبته الكثير من الابداع.