صحوة الذهنية الأسطورية في الثقافة العربية

ثقافة 2021/03/17
...

  يوسف محسن 
 
يتميز العقل العربي كبنية وتكوين بمظاهر التفكير الأسطوري والسحري. إذ يؤدي هذا النمط من التفكير وظيفة دور المعرفة في هذه المجتمعات التي لم تشهد ولادة التقنيات الحديثة بصورة حقيقية. وتتأسس هذه الانماط في داخل حقل الثقافة العربية من خلال الصورة والمؤسسات الثقافية التي تعطي اجابات او معنى ودلالة عن الاشكاليات التي تشتغل في داخل حقل الذاكرة الجمعية اللاشعورية لجماعة منتجي الثقافة، فالأطر الاسطورية تتحكم في انماط التفكير الثقافي في المجتمعات العربية لا سيما في موقفه من الحداثة والغرب والمرأة والسلطة والحياة والموت والعدم. وتتغلغل هذه الرواسب الأسطورية من خلال تبني تفسيرات غيبية ميتافيزيائية للكون والتاريخ.
الثقافة العربية المهيمنة هي تراكمات تأويلية كما يقول الباحث أحمد زين الدين في كتابه (الحداثة ويقظة المقدّس: أنماط وسلوكيات وأفكار) في هذا الكتاب يحاول المؤلف أحمد زين الدين، كشف يقظة الفكر الاسطوري في ضوء المقاربة الحداثية لبعض التظاهرات التي تمثل عودة الى المنظومة الرمزية والأشكال الأولية الأساسية لتحولات هذا الفكر الاسطوري عبر الزمن. إذ يحاول في هذا الكتاب تأويل وتعرية دلالاته الشعورية والفكرية في ضوء كشوفات الإناسة ومفاهيمها وتجاربها الميدانية. علاوة على مقاربات تتناول جوانب من التجليات العقلية والفكرية والاجتماعية المنتشرة في الفضاء العربي، في ظل مفاعيل الحداثة وطغيانها. 
يضم الكتاب مجموعة من القراءات التي تجذر الاسطورة ودينامياتها وتوظيفها في الوعي الجمعي العربي. في المجال العام والحياة الخاصة. إذ يبرهن (أحمد زين الدين) على مخاطر صحوة الذهنية الأسطورية، ويعمل على دراسة مقولاتها وتمثلاتها وبنياتها الصلبة من خلال الكشوفات والتفكيك. يقارب زين الدين أنماط وسلوكيات الطقوس والشعائر والتعاويذ والتصورات الميثولوجية التي لا تزال حية وتزداد قوة ومتانة في المجتمعات العربية.  مؤلفات الباحث الأنثروبولوجي المغربي عبدالله حمودي صاحب كتاب (الضحية وأقنعتها) و(الشيخ والمريد)، والباحث الجزائري مالك شبل صاحب (الجنس والحريم روح السراري: السلوكات الجنسية المهمشة في المغرب الكبير) وغيرها.
ويصف الباحث هذه الوضعية التي تتمثل في غياب منهجية التفكير عند بعض المفكرين أو عند كثير منهم لكون المفكر العربي يبدو عاجزا عن إيجاد الحل، وعاجزا أيضا عن طرح المشكلة بشكل صحيح. إنه يقف خارج المشكل الأساسي كليا، ومن ثم كيف يمكن له أن يخرجنا من مأزق غير موجود بالنسبة له، إذ ان العقل العربي او منظومة الثقافة العربية موسومة بخصائص متجذرة في بنياتها الداخلية، فهي تخلط بين الأسطوري والتاريخي، وتحصر وظيفة العقل في الاجتهاد، فضلا عن ذلك تقدس اللغة والمعنى.