«هيروشيما» العراق المنسية دولياً

العراق 2021/03/17
...

بغداد: الصباح
 
 
ذكرى فاجعة مدينة حلبجة، مازالت توجه صفعة لجميع الطغاة والمجرمين، فهي لا تقل في بشاعتها وفداحتها عن الجرائم التي ارتكبت بحق البشرية عبر تاريخها، والفاجعة بجميع تفاصيلها تمثل «هيروشيما» عراقية ارتكبتها عصابة مجرمة بحق أبناء شعبها المظلوم، وما يندى له الجبين أن العالم، الذي يسمى حراً، تغاضى عن الجريمة البشعة التي وقعت قبل 33 سنة، وغض الطرف عن الإبادة الجماعية التي نفذها النظام الإجرامي 
المباد بدم بارد.
هي مناسبة مؤلمة بلا شك منذ أن نفذ طيران النظام السابق الهجوم الجوي المباغت على المدينة وقتل، خلال دقائق، أكثر من خمسة آلاف إنسان بسلاح كيمياوي أصاب أيضاً نحو عشرة آلاف آخرين وظل كثيرون يعانون حتى يومنا هذا من آثاره الصحية والنفسية، ومن ولادات مشوهة.
ونفذ الهجوم بأوامر من رئيس النظام السابق، كما أكدت التقارير والوثائق الرسمية التي كشفت لاحقاً مع انهيار النظام في العام 2003، وأشرف عليه وزير الدفاع المقبور علي حسن المجيد الذي صار يعرف باسم “علي الكيماوي” أو “علي حسن المبيد” نسبة الى جريمته التي شكلت “إبادة” موصوفة بحسب القانون الدولي إذ استهدف فئة عرقية محددة بهدف القضاء عليها.
تذكر “مجموعة الأزمات” الدولية في تقرير نشرته، أنه في العام 1988 كانت الحرب العراقية-الايرانية تتجه نحو نهايتها بعد ثمانية أعوام من الاقتتال الدموي، لكن في 14 آذار توغلت قوة من الحرس الثوري الإيراني وقوات البيشمركة بشكل مباغت في مناطق كردستان، ومن بينها حلبجة وناحية خورمال بالاضافة الى مخيمات للنازحين الكرد الذين تشردوا بسبب ما عرف باسم “حملة الأنفال” الوحشية التي قادها المجرم علي حسن المجيد في الشهور السابقة.
حيث شن الطيران الحربي ضربات جوية كيميائية على حلبجة وخورمال، ولم يعرف رقم دقيق للضحايا ذلك أن الناجين من المدنيين وبمساعدة من البيشمركة كانوا يدفنون الضحايا بمقابر جماعية، لكن بشكل عام، اشارت المعلومات الى مقتل 5 آلاف شخص، غالبيتهم بسبب غاز الاعصاب، وغالبيتهم كانوا من المدنيين.
وأشارت “مجموعة الازمات” الدولية، إلى أن “الدعاية (الصدامية)،  أما نفت ما جرى أو قللت من خطورة هذه الأحداث، أو حرفت الحقائق”، وأضافت انه بعد أسبوع على هجوم حلبجة، أعلنت وزارة الخارجية الاميركية، مستندة على معلومات قدمتها وكالة الاستخبارات العسكرية، أن “إيران استخدمت أيضا غازات قاتلة في حلبجة”، وتسببت هذه المعلومة في خلق ما يكفي من التشوش لدرجة أن مجلس الأمن الدولي في نيويورك، اضطر إلى تأجيل إصدرا قرار حول حلبجة لفترة استمرت لشهرين، ثم عندما أصدر القرار فإنه قام بإدانة “الطرفين” العراقي والايراني سوية بتهمة استخدامهما أسلحة كيميائية، رغم أن الوقائع والتقارير الدولية اللاحقة أكدت ضلوع النظام البعثي المباد في الجريمة بصورة منفردة.
جانب لافت من أحداث تلك المرحلة يتمثل أيضاً في أن وسائل إعلام إيرانية كانت أول من نشر صوراً من المجزرة حيث تواجد صحافي إيراني يدعى “جوليستان كاوه” على بعد نحو ثمانية كيلومترات من حلبجة عندما رصد الطائرات العراقية من طراز “ميغ 23” تقصف المدينة بقنابل الغاز الكيميائي، وفق ما نقلت عنه صحيفة “الفايننشال تايمز” وقتها، وقال: “لم تكن سحابة فطر (مشروم) كبيرة مثل سحابة القنبلة النووية، ولكن سحابات متعددة من الدخان الكثيف وأصغر حجماً”.