العراقيون يحيون الذكرى الـ33 لفاجعة حلبجة

العراق 2021/03/17
...

بغداد: محمد الأنصاري
 

أحيا العراقيون أمس الثلاثاء، الذكرى الـ33 لفاجعة مدينة حلبجة التي تعرضت لهجوم كيمياوي من قبل النظام السابق في 16 آذار في العام 1988، وراح ضحية الجريمة الصدامية التي حاول العالم إنكارها لسنوات، آلاف الشهداء والمصابين، وأكدت القيادات السياسية في بيانات بالمناسبة أن استذكار الجريمة ليست فقط مناسبة لتجديد آلام الناجين وإحياء ذكرى الشهداء، بل أيضاً لتعرف الأجيال الحالية الثمن والضريبة الباهظة التي خطت بالدم لينال شعبنا العراقي حريته وانعتاقه من الدكتاتورية والاضطهاد.

 
رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، استقبل صباح أمس، عددا من نوّاب حلبجة في ذكرى فاجعة قصف المدينة بالأسلحة الكيمياوية إبّان عهد الدكتاتورية والطغيان، وقال الكاظمي في مستهل اللقاء: إن «شعبنا تقاسم الأيام القاسية والحزينة، ليس في مرحلة النظام الدكتاتوري فحسب، بل في الحقب اللاحقة أيضاً».
وأضاف رئيس مجلس الوزراء، بحسب بيان لمكتبه، إن «الألم يجب أن يتوقف في العراق وأن نصنع الأمل بديلًا عنه، يجب أن يكون مستقبل أجيال شعبنا أفضل من ماضيهم، مؤكداً أن مسؤولية هذا التحوّل تقع على عاتقنا وعلى كل متصدٍ للمسؤولية». 
وبيّن الكاظمي أن «طرح مبادرة الحوار الوطني هو جوهر هذا الأمل، وعلى امتداد وطننا نحتاج الى حوار صريح وشفاف ومسؤول يوقف دوامة الأيام الحزينة»، مؤكداً أن «الحوار لا يحتاج الى مناسبة، فهو السبيل الوحيد لبناء الدولة وتعميق قيمها وترسيخ مفاهيمها حتى تتمكن من النجاح»، وقال: إن «آلام الشعوب طالما كان مصدرها الأساس هو غياب قيم الدولة، فالإجرام والإرهاب والإبادة تجاه الشعب تعني أن قيم الدولة غابت».
وأكد رئيس مجلس الوزراء، إنه «سبق أن زار حلبجة وقد استقبلته كأم، ولمس الطيبة والتسامح في عيون أهلها وشيوخهم ونسائهم وأطفالهم»، وأضاف، «إذا كانت حلبجة تمثل جرحاً تاريخياً، فإن أهلها بتسامحهم ومحبتهم هم درس بليغ آخر نتعلم منه ونعلّم أجيالنا القادمة».
المدينة الشهيدة
وكان الكاظمي، أصدر في وقت سابق، بياناً في الذكرى قال فيه: «نستذكر اليوم انعطافة مؤلمة في تاريخ نضال شعبنا ضدّ الطغيان والدكتاتورية، إذ تمرّ علينا الذكرى 33 لجريمة قصف حلبجة الشهيدة في كردستان العراق بالسلاح الكيمياوي، والتي أودت بحياة الآلاف من الضحايا المدنيين».
وأضاف، «لقد استمرّت مرارة تلك المأساة تنذرنا الى يومنا هذا بما يمكن أن يحدثه سلاح الدمار الشامل حين يقع بيد طاغية من طغاة الأرض، وما يمكن أن يُرتكب باسم الكراهية والعنصرية حين يوظفها النظام الغاشم لتبرير بقائه الأسود ليلًا حالكا من الظلم والترويع والبشاعة».
وأكد الكاظمي، «كانت حلبجة وثيقة وقربانا باهظ الثمن قدّمهما شعبنا الكردي خاصّة، مثلما قدّم شعبنا العراقي عامة، قرابينه على مذبح التحرر والخلاص من جور حاكمٍ عاتٍ متغطرس عاث فسادا ومقتلة وحروباً عبثية دموية»، وأضاف، «نحمل اليوم ألم ذكرى الضحايا في قلوبنا، لكن عزاءنا أنها آلام تذكّرنا، مثل باقي جرائم عهد الاستبداد، بثمن الحرية، وبقيمة النجاة والعبور بالعراق إلى عهد الديمقراطية وإعلاء قيمة الإنسان العراقي».
البرلمان يستذكر
من جانبه، استذكر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، فاجعة حلبچة، وقال في تغريدة على «تويتر»: إنه «في الذكرى الـ 33 لفاجعة حلبچة التي ستبقى جرحاً غائراً في ضمير الإنسانية، نؤكد تضامننا مع ذوي الضحايا ووقوفنا إلى جانب مظلومية وتضحيات أهلها»، ودعا بهذه المناسبة إلى «توحيد جهود الجميع لمواجهة التحديات من أجل المستقبل».
إلى ذلك، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حسن كريم الكعبي، في بيان بذكرى الفاجعة، أن «هذه الجريمة مثلت انتهاكاً صارخاً للقيم الانسانية وكانت جزءا أساسياً من سياسة القتل والتدمير والإبادة الجماعية للنظام الدكتاتوري بحق العراقيين».
ونوه الكعبي، بأن «المقابر الجماعية للبعث المجرم وما مارسه من أساليب وحشية بحق جميع أبناء الوطن بمختلف أديانهم وقومياتهم، ذهلت لروعها الانسانية وهزت ضمير العالم، ولن تمحى من ذاكرة ووجدان الأجيال وستبقى خالدة في الأذهان»، مؤكداً أن هذه المذبحة هي احد الشواهد الحية لوحشية البعث وبشاعة الدكتاتورية». 
وقال النائب الأول: إن “عودة البعث وكل الممارسات الدكتاتورية باتت مستحيلة في ظل هذا النظام الديمقراطي الحالي”، مشيراً  الى أن “مجزرة حلبجة هي لعنة ستطارد البعثيين إينما كانوا ولن نفرط بالقصاص”، مشدداً على “ضرورة ملاحقة جميع من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين قبل عام 2003 وما بعده”.
وبرعاية نائب رئيس مجلس النواب بشير الحـــداد، أقام مجلس النواب مراسيم تأبين الذكرى السنوية لجريمة حلبجة، بحضور رؤساء الكتل واللجان النيابية وجميع نواب الكتل الكردستانية والنواب والأمين العام لمجلس النواب والمديرين العامين وموظفي المجلس وذوي الشهداء وجمع من الصحفيين، وبدأت المراسيم بالوقوف بصمت أمام بوابة المجلس، وألقى الحداد كلمة استذكر فيها وبألم كبير فاجعة حلبجة الشهيدة عام 1988.
الحــــداد وفي كلمته أمام المشاركين، أفاد بالقول:”للأسف قام المجرمون بهذه المجزرة أمام الصمت الدولي وسكوت أغلب بلدان العالم، وحلبجة الشهيدة جريمة بشعة ونكراء وإبادة جماعية صدمت الانسانية جمعاء، ونكبة استفزت المشاعر والوجدان، ومست الضمير العراقي والإنساني”.
نائب رئيس مجلس النواب، وفي هذه المناسبة، أكد على “المسؤولية الكبيرة لممثلي الشعب في مواصلة العمل الوطني في المؤسسة التشريعية لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية وتثبيت حقوق الإنسان والحياة الكريمة  لجميع العراقيين، ومستقبل آمن تتحول فيه التشريعات والقوانين سـدا منيعا للحيلولة دون تكرار مثل تلك الجرائم البشعة”، كما جـدد الحــداد دعوته للحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان إلى “استثمار قرار تحويل حلبجة إلى محافظة ومواصلة الجهود الاستثنائية لتطوير المدينة وتقديم الخدمات الأساسية وتطوير البنى التحتية”، واختتم المراسيم بافتتاح معرض فوتوغرافي جسدت فيها حجم الجريمة وتفاصيلها المؤلمة.
 
إحياء الذكرى
زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، قال في تغريدة على حسابه في «تويتر»: إن «مجزرة حلبچة جريمة القتل الجماعي التي ارتكبها نظام صدام المجرم بحق شعبنا العراقي في كردستان، هذه الجريمة النكراء لا تختلف عن جرائم المقابر الجماعية في الجنوب»، وأشار إلى ضرورة «إحياء ذكرى تلك الجرائم لتذكير أبناء شعبنا والأجيال القادمة بجرائم 
البعث الفاشي».
من جانبه، قال رئيس تحالف «عراقيون» السيد عمار الحكيم في تغريدة على «تويتر»: «ما زالت ذكرى فاجعة حلبجة الشهيدة تؤلم ضمائرنا وتستفز مشاعرنا وتجعلنا أكثر من ذي قبل متمسكين بتجربتنا الديمقراطية، إيماناً منا بأنها السبيل الأوحد لرفض عودة سياسات القتل والمقابر الجماعية والإقصاء والتهميش وتمييز مكونات وعناوين على حساب أخرى».
وأضاف، «السلام والخلود لضحايا حلبجة الشهيدة والأنفال والمقابر الجماعية والارهاب الداعشي وكل من ضحى لأجل عزة وكرامة هذا الوطن ومواطنيه».
بدوره، دعا رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، الحكومة الاتحادية، كمسؤولية قانونية وأخلاقية، الى أن تؤدي واجباتها وتتخذ خطوات عملية لتعويض السكان والبيئة المدمرة المسممة لمحافظة حلبجة.
وقال بارازني، خلال بيان في الذكرى الـ33 على قصف حلبجة: “تمر اليوم ثلاث وثلاثون سنة على القصف الكيمياوي لحلبجة على يد نظام البعث واستشهاد أكثر من خمسة آلاف مواطن بريء وجرح آلاف آخرين وتدمير المدينة وتشريد أهاليها”، مجدداً “التشديد على المزيد من الاهتمام بحلبجة وأهلها”، كما طالب “المجتمع الدولي بالعمل الجاد على حظر إنتاج واستخدام جميع أنواع أسلحة القتل الجماعي والقضاء التام على السلاح وتقنيات الموت”.
محافظ حلبجة آزاد توفيق، أكد أن المحافظة ورغم صدور قرار من الأمانة العامة لمجلس الوزراء لكنها ماتزال تعامل على أنها قضاء تابع لمحافظة السليمانية.
وقال توفيق في حديث صحفي: إن “حلبجة ماتزال تفتقر للمشاريع الخدمية الكبرى، وهناك تقصير من أربيل وبغداد تجاه هذه المدينة المظلومة”، وأضاف أن “آثار الجريمة الكبرى التي ارتكبها نظام صدام حسين ماتزال موجودة، فهناك الكثير ممن مازالوا يتلقون العلاج من آثار القصف الكيمياوي الذي تعرضت له هذه المدينة، ولم يعوضوا ماديا بما يكفي”.
وأشار توفيق إلى أن “أقل ماتستحقه حلبجة هو أن تنصف هذه المدينة التي كانت شاخصة على جرائم النظام السابق، وأن يتم تعويض المتضررين بالقدر الكافي، وأيضا تعويض الأهالي والتعريف بجرائم البعث وتوثيقها للمجتمع الدولي والأجيال القادمة”.