جابر محمد العتابي.. ملحن متجدد الإبداع والبحث

الصفحة الاخيرة 2021/03/22
...

كاظم السيّد علي 
 
 
يمتلك الملحن جابر محمد العتابي خصوصية تميزه عن غيره، بجملة موسيقاه اللحنية، فهي تحمل مفردة عذبة يمتزج التعبير بالشجن، تحمل حس ونكهة الغناء الريفي العراقي
الاصيل.كان ميالا للمشاركة في المسرحيات والمسابقات الغنائية، التي كانت تقيمها مديرية النشاط المدرسي لتربية الديوانية منذ دراسته الابتدائية. 
فضلا عن كونه يعيش في بيئة ريفية، فهذا العامل شجعه وجعل صوته شجيا، حيث كان لجعفوري محمد المطرب الريفي الشهير، تأثير خاص في حياته وكان سببا في انطلاقته ودخوله عالم الفن “معهد وأكاديمية الفنون الجميلة”، في أحد لقاءاتي معه قال: “عند سماعي للمطرب جعفوري كأني اسمع ملحمة من الأطوار التي تتغنى بأصالة الرواد، وتشبعت بهذه الأطوار من خلال تأثري به، حتى أصبحت أعمالي اللحنية امتدادا لطور واسلوب المطرب القدير جعفوري، وهذا جعل مني ألحن أكثر أعمالي لسعدي الحلي، لأني أعرف أنه تعلم منه الكثير، واخذ طوره وأداءه بطريقته الخاصة ونجح فيه”. عمل الملحن جابر محمد على تطور الاسلوب الغنائي للفنان سعدي الحلي، ومن الاغاني التي لحنها له لحساب شركة بابل: (أي يدنيه - لتتصور نسيتك - لتغنيلي ولاغنيلك - كلشي كتلك - أنساهم يكلبي أنساهم - يمه شجرالي - منو غيرك - رفت عيوني - ليش ماسلمت مولله السلام - ياروحي - شيصبرهه الروح  وغيرها من
 الأغاني).
لم تقتصر ألحانه للحلي فقط، بل قدم ألحانا كثيرة، تغنى بها عمالقة الطرب العراقي منهم  قحطان العطار، فكانت حصته ست أغانٍ وعبد فلك أغنيتين هما (سهله عندك ) و(لا تنساني ) التي كانت اول باكورة اعماله وبالضبط عام 1981, وكذلك محمد المدلول والثنائي فاضل وفوزية وغيرهم.بعد التغيير السياسي في العراق، ظل الفنان العتابي بعيدا جدا عن الاضواء، بسبب انشغاله الوظيفي وبعده عن العاصمة بغداد، إضافة إلى تردي الوضع الأمني، الذي شجع الكثير من المطربين على الهجرة خارج الوطن .كان العتابي ملحنا مجددا وملتزما، شغوفا بالبحث عن الجديد، فباشر وبهمة لإكمال المشوار للدراسة في عالم الطفولة وفنونها وما فيها من أسرار، جعلته أن يكون في الاختصاص الرقيق والتي خاض رسالته الماجستير فيها، من اجل النهوض بواقع أغنية الطفل، ولكونه وفيا للحارة التي ترعرع  فيها ومنها تحركت أنامله على آلة العود، ليترجم روح القرية وزقزقة عصافيرها والطفولة والعذوبة، والبحث عن الجديد والجميل ليرسم لهم المستقبل
 الزاهر.     
 ولكن يد المنون امتدت اليه، فقطفته بتاريخ (24 /كانون الاول /2018)، وتوقف قلبه النابض بالحب والجمال، في مدينته الديوانية.