أن تكون وحشاً

ثقافة 2021/03/23
...

ذوالفقار يوسف
لمح انعكاس عينيه في المرآة، لم تكن كما باقي المرات، شده المنظر ليعيد الكَرّة، وما أن فعل، دار حوارٌ بينهما.. 
 
- كيف لم انتبه مسبقا لأرى عينيّ؟
- لأنك لم تطعمها قط.
- ماذا تقولين، وهل للعين فم حتى تأكل؟
- أن تراهما من خلالهما، وحتى تأكل كان يجب فعل ذلك.
- ولِمَ أهتم لذلك؟
- انها بوابة الروح، فهل يزعجك ان ترى روحك؟
- سأخاف حتما عند رؤيتها.
- هل جعلنا الخوف نمتنع عما نريده؟
- انها روحي، هل جننتي؟
- ما الذي يخيفك بالضبط؟
- شكلها، وما فيها، حزني والبشر، كل تلك المشاعر المتكدسة هناك.
- لا تخف انها جميلة رغم ثقلها، فقط افتح عينيك لترى.
- يا حبذا لو تصمتين عند الحديث عما يوجد فيها، انها روحي واعرف ما بداخلها.
- لا تعرف ولم تَرَ.
- من اين لك هذه الثقة؟
- كل ما يحوي روحك يدخل من خلالي.
- حسنا، سأفعلها هذه المرة فقط.
- انظر، إنك الان ذلك الطفل، هل ترى ما اجملك؟
- يا إلهي، يا لصغري، يا لضعفي.
- لم ترَ شيئا بعد، انظر بقوة هذه المرة.
- ما الذي تحمله روحي، انه صغير جدا ولا أستطيع تمييزه يا مرآتي؟
- يا غبي انه قلبك!
- ولم هو بهذا الصغر؟
- لا اتحدث عن قلبك الذي تعرفه انت، فهو يختلف عما تحمله روحك؟
- يختلف، بماذا؟
- كيف لا، وهل تظن انه يشبه ذلك القلب المخيف؟، تستطيع رؤية ما فيه، حاول ان تغلق كل حواسك الاخرى، حينها سترى.
- امهليني لحظة، لأنني لم افعلها مسبقاً، نعم نعم، بدأت بالرؤية.
- أخبرني الان، ما الذي تراه؟
- ارى كوكبا، نعم كوكبا قد امتزجت به ملايين الالوان، الكثير من المذنبات تنطلق حول مداره، ارى خطوط يديّ تنبثق كما البرق في سمائه، هناك شخص قد لوح لي، اظنه أحد الاطفال، من يكون وما سببه وجوده في قلب روحي؟
- انظر مجددا وستعرف.
- ماذا فعلت بي، ان ذلك الطفل انا، ولكني صغير جدا.
- كنت أكبر حجماً، ولكن ما فعلته لروحك في حياتك جعلك بهذا الصغر.
- ماذا تقصدين؟
- كلما اقتربت من الظلام في حياتك سيصغر حجمك، وما ان تستمر بأفعالك، ستتقلص الى ان تختفي الى الابد.
- وان اختفيت ماذا سيحدث حينها؟
- ستكون بلا روح، ذلك معنى ان تكون وحشاً.