أربعة تساؤلات في الثقافة الاجتماعيَّة

ثقافة 2021/03/29
...

  ياسين طه حافظ
 
تنتاب انتباه الناس صدمات صغيرة، صدمة إثر صدمة. هذه تمس المستقرّات التي آمن الناس فيها أو آمنوا بها. وهذه «الصدمات» ما عادت تفاجئ الفرد، بل صارت مما اعتاد عليه. فهي اذاً لم تعد طارئة أو نادرة بل مألوفة وبعضاً دائما من التوقعات. فضلا عن ذلك هي بعض من ايقاظات الحياة وتحفيزها... هذه مسألة أولى.
المسألة الثانية: نحن لم نعد نرضى ولا نرتاح للحال "السيامي" أعني أننا لا نريد الاشتراك في جانب منا بالغير والتصاقنا أو "توحّدنا" بالسِوى.الإنسان اليوم نزّاع للتفرد، للاستقلال، للتميز وليكون هو:
الثالثة: تطور المجتمعات، التمدن، ألغيا القنانة وأقرا بحقوق السود، الملونين عموماً والأقليات. لكن المعايشة 
أظهرت أن عديدين ممن اكتسبوا الحقوق، واستعادوها يظهرون كفاءات وقوى جسدية، وقوى فكرية، عبقريات. هؤلاء يحتاجون إلى فضاء ليتقدموا. من يمنحهم فضاء للتقدم؟.
ثلاث مسائل من مجموعة ظواهر، ليست سلوكية مؤقتة أو عابرة لكنها "تطورات" من نوع آخر توجب حقوقا أكثر واحتراماً أكثر واستجابات. وهنا نواجه لافتة تنبيه ترسم لنا المسألة الرابعة، وهي تساؤل المدنية و التأكد من سلامة إنسانيتنا الجديدة المتحضرة!.
ما الذي نقدمه لتأكيد لطفنا أو تفهمنا للانتباهات الجديدة؟، لما لم يعد صحيحا؟، أو للحاجة إلى بديل؟، إهمالها ليس تصرفاً مسؤولاً. 
إهمالنا يعني إغفالا للمستجد ولامبالاة بالتنبيه. صار الآن مطلوباً الترحيب بالموضوعي، التبني أو دراسة ما تكشّف لنا. 
مجموع هذه الانتباهات يعني تغيراً متقطعاً يحصل. يعني أن المجتمع يتنبّه لوجوب التغيير. 
إهمال ومصادرة الظواهر أو ردعها، يعني إثارة تمردات "خشنة" وقد يحول تخريباً من هذه إننا صرنا نريد إجابة حاسمة، استجابة أو إقرارا بحق التمرد الفردي، الذاتية المتجاوزة وحتى النرجسية، وهي ذاتية ايضاً. الرغبة في العيش الخاص والتفكير الخاص المتميز وعدم الاشتراك. 
هذه كلها رغبات صرنا "نحتاج" الى لا حضورها حسب ولكن لحضورها وفعلها!، وهي رغبات وحاجات تتزايد. لايكفي أن نقول: الاتحاد قوة، رأي الجماعة خير من رأي الفرد والانغمار في الحياة خير من الموت فرادى في القفر... هذه كلمات طيبة، لكنها صناعة أدبية. 
تتضح الحاجة لـ"سوى" هذه. إلا ان بعضا من هذه الـ "السوى" مخالف لـ"العامة المألوفة" ويريد الفرد تجاوزها بعد ان أدانها. النزعات، الرغبات 
الآمال الجديدة موجودة وبوضوح، رضينا بها أم لم نرضَ، علينا احترامها. علينا التفكير الجاد بحل يبعد الاشتباك.
ما قاله لنا التاريخ البشري حتى الآن أن "التجاوزات، أن سلسلة أحداث الرفض وأن الخروج عن الطاعة...، كانت أفعالاً ذوات شأن في التطور!، فهل لنا، نحن بعض متلقّي الفعل، أي دور إسناد أو دور مُعادٍ؟، أم أن الخليط يفرز ما يبقى وهو يبلور حلاً؟، إذاً لا ضرورة لأن نأمل أو نشك أو نستاء مما يجري. العملية الكبيرة الواسعة هي في الأساس عملية نسج حياة وكسر وتعديل أنظمة متفق عليها وأنظمة جديدة!. 
لكن ماذا، حين نجيء لإشكال المسألة الثالثة، أعني ما يظهره مكتسبو الحقوق، الملونون، الأقليات، عموم فقراء الشعب أو الشعوب الفقيرة والمضطهدة، والتي صارت تتنفس بحرية؟.
ما الموقف من نتاج، من إشعاع العبقريات الجديدة، من الطاقات المتفوقة من حضور هؤلاء الأفضل في الحياة المدنية، وأين وكيف يتوافر لهم الفضاء لتقدمهم؟، هل نسمح لهم باللامبالاة، بـ لا يعنينا، بلا تقدير للأفعال المتميزة؟.
لا أعتقد بوجود أريحية مثل هذه ولا بسماح وكرم إنسانيين لهذا 
الحد. هم يتقدمون أو يتفوقون ويحققون مكاسب موروثة لآخرين، كانوا ولا يزالون، فهل نرتضي بشركات عرقية؟، بأخلاقية التزاحم والتضاد، ويترتب على ذلك كله كراهات مسيطر، او غير مسيطر عليها؟.
آخر جملة استفزازية سمعتها: "ألا يكفي الولايات المتحدة أن يترأسها أسود؟ إشارة الى "أوباما" وهي شرارة تنبيه قوية الى المُضمَر!، هي تعلن: "الإنذار" من تفوق "الثانوي": هل تعتقدون بأن هذا امر سهل وسيمر بهدوء؟، قد يتم شق الطريق بصعوبة ولكن ذلك ليس سهلاً ولا ضمان لسير الأمور بهدوء!.