الإعلام الجديد بين الواقع والافتراض

آراء 2021/04/01
...

   د. عبد الواحد مشعل
 
 تعد ظاهرة الإعلام الجديد علامة بارزة في الألفية الثالثة، حتى أصبح المرء حائرا بين نمطين من الإعلام، هما الافتراضي والإعلام الواقعي، وبين هذا وذاك أصبح الإنسان المعاصر يعيش حالة من الانفرادية الإعلامية -إن صح التعبير- إذ أصبح هو المعد والكاتب والمخرج ليجد أمامه جمهرة من المتلقين مؤيدين أو معارضين لأفكاره، حتى انك اليوم تجد نفسك أمام مئات أو الآلاف من القنوات الخاصة على اليوتيوب، كما أصبح الخبر يحرره الإفراد في مواقعهم أو قنواتهم على الانترنت أو التليغرام، ولا ندري ما الذي سيحصل من تطور إعلامي تقنني مستقبلي، ربما يتعدى المؤسسات الإعلامية المعروفة الى ملايين البؤر الإعلامية باختلاف تخصصاتها ما ينذر ببلورة ثقافة مميزة، لأجيال قادمة تتعدى حدود ثقفتنا التي ورثناها خلال آلاف السنين، إي ربما ستتشكل ثقافة جديدة بحدودها وخصائصها وموضوعاتها وحدودها تختلف تماما عما اعتدنا عليه من موجهات إعلامية لها مستقبليها بطريقة معرفية، مرسلة من محاطات ذات سياسات موضوعة من 
قبل الدولة أو القطاعات الإعلامية المستقلة الى حالة جديدة من الاستخدام الشخصي للإعلام، حينما يكون الفرد بمعرفته الجديدة، هو مصدر الفهم والتقدير والنشر لموضوع ما.
إن نظرة متفحصة للواقع الاجتماعي والسياسي العراقي تعطينا تصورا جديدا لكيفية استخدام الإعلام الجديد وتأثيراته السياسية والثقافية في البنية العقلية العراقية، وخروجها من نمط الإعلام التقليدي، إذ أصبح الفرد العراقي أمام واقع جديد لم يألفه من قبل، فكل شيء أصبح متاحا إمامه كما اخذ يطلع على الآراء الأخرى، سواء تصارع أم اتفق معها، من دون وجود رقيب عليها، وهذا لا يعني أن النموذج الديمقراطي الجاري تقديمه الى المجتمع أنموذج صالح أو انه قد حقق أهدافه أو كان تطبيقه نافعا في لحظة ما ، وان بلوغ مرحلة النضج في هذا السياق يحتاج الى حوار واع بين فكرتين أو أكثر، وهو ما يؤثر بدوره في الوعي السياسي، وعلى نطاق واسع، إلا أن الإشكالية التي يعيشها هذا الاستخدام هو الصراع بين الأنماط الثقافية التقليدية، وبين ما يطرحه الإعلام الجديد من أنماط جديدة من التفكير الحدثاوي الذي بدأ يتفاعل، وبخاصة لدى الأجيال الجديدة. بمعنى وقوع الإنسان بين أفكار افتراضيه يطرحها الإعلام الجديد، وبين ما يتلقاه من أفكار أو أخبار من قنوات إعلامية مؤسساتية، ما شكل ذلك قلقلا متزايدا لدى إنساننا المعاصر، الذي أصبح يحتاج الى رؤية جديدة كي يخرج من جدلية فرضت عليه فرضا.