ذاكرة السينما

آراء 2021/04/03
...

 ريسان الخزعلي
 
تعود بي الذاكرة إلى سنوات الستينيات وما تلاها من القرن الماضي، حيث كنّا نمر في شوارع المدينة التي تقع على جانبيها مباني دور السينما، نُحدّق مبهورين بالبوسترات الكبيرة التي تحمل لقطات من مشاهد الأفلام التي ستعرض، وكم كانت الرغبة تحرق الجسد والروح لأننا لا نستطيع نحن أولاد الفقراء أن نحظى بمشاهدة فيلم
ما .
قبل منتصف الليل يخرج المشاهدون رجالاً ونساءً من الدور، يملؤون الشوارع زهواً، وترديداً لأغاني الأفلام، التي شاهدوها وكأنهم في مسيرة جماهيرية، كنّا نراهم عن بُعد ونحسدهم على الجنّة التي هم فيها؛ ونحسد كذلك أقراننا من الذين تقع بيوتهم قرب دور السينما الصيفية، حيث يشاهدون الأفلام من على سطوح منازلهم رغم أنها كانت ناصية، وبعد إن دارت بنا السنوات تمكنّا من دخول السينما واحترقنا بأحداث أفلام مهمة، وقد عدنا لقراءة الروايات التي أُخذت منها تلك الأفلام، وعرفنا النَص والصورة، وأقمنا المقارنة الإبداعية بين ثقافة النص وثقافة
الصورة .
في بغداد، كان التزاحم شديداً على افلام كبيرة مثل: اغتيال المهدي بن بركة، زد، العصفور، وغيرها من الأفلام ذات المضامين الإنسانية / الفنية العالية. وهكذا عرفنا أهمية السينما في تشكيل وبناء الإنسان ثقافياً .
مناسبة الإشارة هذه، تجيء بعد أن خلت المدن العراقية، بما في ذلك العاصمة بغداد من دور السينما. ومثل هذا الخِلو يُشكّل ثلماً كبيراً في تربية الذوق والمتعة، ناهيك من الارتداد الثقافي في هذا الجانب: الفن السابع، وعدنا والأجيال الحالية، نتحسر حتى على مشاهدة بعض افلامنا العراقية: الظامئون، الحارس، النهر، الجابي، 
وغيرها .
قبل فترة ليست بالبعيدة، مُنحت جوائز ذات قيمة مادية ومعنوية لأفلام أُنتجت في دوَل كنّا نظنها لا تولي اهتماماً للسينما ودورَها في حياة المجتمع . كما إنها وبالإضافة إلى الجوائز قد حققت ايرادات مالية من خلال هذا النشاط .
إنَّ الالتفات إلى السينما ضرورة ثقافية اجتماعية اقتصادية .