يرى المتابعون في الأيام الاخيرة تصاعد الدعوة للحوار في اكثر من دولة وفي اكثر من بؤرة للصراعات المسلحة، ففي ليبيا اتفقوا على حكومة واحدة للحوار بدلا من لغة السلاح، التي كلفتهم الكثير من الدماء وجعلت بلادهم مستباحة من قبل التدخل الاجنبي، الذي جند مرتزقته للقتال فيها على حساب تطلعات الشعب الليبي بالامن والرخاء الاجتماعي.
كما رأينا توقيع رئيس المجلس الانتقالي السوداني مع رئيس الحركة الشعبية شمال اعلان مبادئ سلام بوساطة (عدو الامس) رئيس جمهورية السودان الجنوبية للتوصل الى سلام ينعم به الجميع والتفرغ للبناء ومكافحة الفقر والبؤس، بعد ان عجزت المعارك الدامية عن تحقيق ذلك، بل انها خلفت الخراب وزادت من الفقر وجعلت الجميع يعيش في جحيم لا يطاق.
وهكذا الامر بين طالبان والحكومة الافغانية والولايات المتحدة الاميركية في الحوار، من اجل طي صفحات طويلة من ازهاق الارواح والحرمان من ابسط مقومات الحياة.
ولم تكن اليمن بمعزل عن ذلك الاسبوع الجميل الذي يستحق وصف اسبوع الحوار من اجل السلام، فالتقى الحوثيون مع الاميركان والامم المتحدة من اجل الحل مع عرض سعودي للسلام في اليمن.
فالحرب دائما وابدا ليست حلا للمشكلات الدولية والداخلية، وحتى الحرب ومهما كانت نتائجها، والتي هي في حقيقتها خسارة للجميع، ستضاف كمشكلة اخرى على طاولة الحوار، ولنا من التاريخ دروس، فالحرب الاهلية اللبنانية التي دامت اربعة عشر عاما في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، لم تحل مشكلات اللبنانيين بكل ما استخدم فيها من سلاح وبطش، ولم تسعفهم المواجهة بالسلاح، وانما اسعفهم جلوسهم للحوار، وهكذا الحال في الحروب الدولية، فإنها تنتهي الى الحوار.
ونحن نجد حتى النزاعات المسلحة الشخصية والعشائرية، التي سببت الكثير من الآلام بفقدان الارواح والطمأنية فإنها تنتهي الى
الحوار.
والسؤال الصعب لماذا لا نقدم الحوار على السلاح؟! ولماذا لا نجعل من الحوار هو الحل الذي طالما سيكون هو سبيل الحل الوحيد؟! وهنا تكمن مهزلة العقل البشري والدليل على شراكة الجميع في تلك المهزلة يكمن في انتقاد التقاليد والتصرفات العشائرية، بسبب ذلك لكننا ننسى بأن دولا متخلفة ودولا متقدمة ودولا ذات حضارة متمدنة لاتتوانى عن استخدام السلاح.
ونحن في العراق ما أحوجنا الى الحوار بعد التجربة الطويلة والمريرة للسلاح مع الداخل والخارج.