قحطان الزيادي
تعد حرية المعلومات امتدادا لحرية الكلام وأحد حقوق الإنسان الأساسية والمعترف بها في القانون الدولي والتي تعرف اليوم بمعنى أوسع بـ «حرية التعبير» باستخدام أي نوع من الوسائط سواء كانت مكتوبة أو مطبوعة أو صوتية ويعد الإنترنت أحد تلك الوسائط
في العصور القديمة عرف الإنسان عملية تبادل الأخبار عندما ينفخ في الأبواق إعلاناً لحالة الحرب او السلم او احتفالاً بمناسبة دينية او وفاة ملك او تنصيب آخر، وبعدها عندما كان المنادون يجوبون الأسواق والتجمعات ليبلغوا الرعية بأوامر الحكومة وبياناتها وبعدها الى التطور الصناعي وظهور الطباعة في منتصف القرن الخامس عشر والتي احدثت ثورة تقنية في مجال وسائل الإعلام واصدار الصحف المطبوعة التي كان ينتظر الناس الصباح كي تصلهم الجريدة لقراءة الأخبار فيها ومعرفة ما يجري حولهم من احداث،
وبعدها دخلت الإذاعة على الخط فكانت المقاهي تنصت الى ما يذاع بها من أخبار وبيانات الزعماء والقادة حتى وصل التلفاز وبالطريقة نفسها يوضع في المقاهي حتى وصل المنازل، في هذه المقدمة بينا كيف كانت الأخبار تصل للجمهور بصورة صعبة مختلفة تماماً عن الوضع الحالي بسبب التطور التكنولوجي الكبير الذي احدثه ظهور شبكة الإنترنت العالمية التي جعلت من العالم قرية صغيرة، وتستطيع ان تصل لأي بقعة في العالم من خلال ضغطة زر واحدة وتشاهد بالصوت والصورة، اليوم لم يعد العمل الإعلامي حكراً على الصحفيين او العاملين في مجال الإعلام فقط بل اصبح بإمكان المواطن العادي ان يصور اي شيء يحدث امامه وينشره على حسابه في التواصل الاجتماعي بل يقدم تعليقاً بتفاصيل الحدث كاملة للجمهور ويعمل عمل الصحفي ويطلق عليها حديثاً «صحافة المواطن» وهو مصطلح حديث النشأة يُشير إلى مشاركة الأفراد العامة من الناس في الوظائف الصحفيّة كنقل الأخبار ونقل الشهادات الحيّة عن الحدث، لا سيما في اللحظات الأولى، وتوثيقها بالكاميرات، وتُعرف صحافة المواطن أيضاً بالصحافة التشاركيّة والعامة، وصحافة الشارع، والإعلام البديل، ولا تستوجب صحافة المواطن تمتع أصحابها بالشروط المعروفة لممارسة العمل الصحفي، من بين ذلك مراعاة المعايير المهنيّة، والقواعد الأساسيّة لنقل الخبر وتحليله، وصبغه بالأصل بسمة الخبر الصحفي، كما لا تتطلب صحافة المواطن الانتساب إلى الجهات الصحفيّة، أو الأجسام النقابيّة للعمل الصحفي، أو تلقي تدريبات مُعينة، كما لا تتعرض صحافة المواطن كالصحافة العاديّة للرقابة أو المساءلة من قِبل الجهات الرقابيّة المختلفة، ويمكننا القول ان صحافة المواطن شغلت الفراغ الذي خلفته وسائل الإعلام التقليدية واصبح المواطن ينقل ويحلل الحدث ويشارك بالرأي وحتى ينشر ملفات مهمة قد يحصل عليها المواطن وخاصة تلك التي تتعلق بالفساد، ومن جانب آخر اصبحت صحافة المواطن تمارس دوراً رقابياً على الحكومة ووسائل الإعلام الأخرى فهي احياناً تقوم بتكذيب أي خبر تنشره وسائل الإعلام او السلطة من خلال جيش من المنشورات التي تفند تلك الرواية وعامل ضغط اضطرت فيه الحكومة لتعديل بعض سياساتها بسبب الرقابة التي تمارسها صحافة المواطن، وأمام الكم الهائل من الأخبار تواجه صحافة المواطن عقبة تتعلق بصحة ومصداقية الأخبار المنشورة في التواصل الاجتماعي من خلال نشر أي خبر من مواطن ليس لديه أي معرفة في هذا المجال واصبحت مصدراً مهماً للقنوات الفضائية مثل BBC وقناة العربية، فضلا عن الحيادية فأي مواطن ينشر الخبر حسب أجندته الخاصة وحسب قالب خاص هو يختاره في تناول الحدث وهذا نشاهده جلياً في الساحة العراقية وهنالك ميزة اخرى هي البث المباشر للحدث فأصبحت الهواتف الذكية تنقل لنا الأحداث المختلفة بشكل مباشر من دون تكلفة واجهزة ارسال خاصة وهي هنا حجمت من دور وسائل الإعلام التقليدية، وما شاهدناه مؤخرا في احتجاجات تشرين في العراق وفي تويتر كان للترند دور كبير في التأثير بالمستوى الشعبي والسياسي. الآن كلنا صحفيون نستطيع ان نمارس دورنا في نشر الاخبار والمعلومات، وتعد حرية المعلومات امتدادا لحرية الكلام وأحد حقوق الإنسان الأساسية والمعترف بها في القانون الدولي والتي تعرف اليوم بمعنى أوسع بـ”حرية التعبير” باستخدام أي نوع من الوسائط سواء كانت مكتوبة أو مطبوعة أو صوتية ويعد الإنترنت أحد تلك الوسائط. فضلا عن ذلك فقد يشير مصطلح حرية المعلومات إلى مفهوم حق الخصوصية في ما يتعلق بالإنترنت ووسائط تقنية
المعلومات.