محاضرون وتظاهرات

آراء 2021/04/07
...

   نوزاد حسن
حين تابعت حركة احتجاج المحاضرين المجانيين بعد اقرار الموازنة التي يرون انها لم تنصفهم عرفت بدقة ما كنت اسمعه عن ترحيل المشكلات الى الحكومات التي 
ستأتي. 
ومع مرور الوقت تكبر المشكلة وتصبح صعبة الحل وتجد الحكومة نفسها امام وضع صعب لا تعرف كيف تحله؛ لذا هي تلجأ الى الفكرة السحرية وتؤجل وضع حل لمشكلة ما لحكومة ستأتي في ما بعد. 
ويبدو أن المشكلات والبشر يواجهون المصير نفسه أحيانا. فالبشر يرحلون بسبب ظروف الحرب والارهاب، والقضايا الخلافية التي لا تتفق عليها الكتل السياسية ترحل ايضا.
  سأقول شيئا محددا: لقد خرج من معطف هذه الموازنة غضب المحاضرين المجانيين الذين نزلوا الى الشوارع في محافظات عدة، ورفعوا لافتات احتجاجهم على عدم تعيينهم. لكن هل نحن نتحدث عن مئات شعروا بالظلم والحيف، لا، نحن نتحدث عن اكثر من 200 ألف محاضر عمل كثير منهم لمدة اربعة اعوام واكثر. 
هذا يعني ان هذه المشكلة تفاقمت مثل كرة الثلج التي كلما تقترب من الارض تزداد وتكبر. وها نحن امام هذه الحشود من خريجين غاضبين يبحثون عن حل لوضعهم بعد كل ما قدموه من خدمات في قطاع التعليم.
 أنا أتساءل عن معنى هذا الوصف الغريب الذي يطلق على شاب تخرج من جامعته ولم يجد فرصة عمل. وبعد ذلك يواجه مصيره في ان يكون معلما في احدى المدارس. يصنف هذا المعلم بأنه محاضر مجاني. 
أي أنه شخص معطاء يواظب على الدوام من دون ان يطالب بشيء. 
شخص يفضل ان يعمل ضمن شروط قاسية لكنه يأمل في ان يحصل في النهاية على تعيين وتقدير. فما كان أوله شرط فآخره نور كما نعرف جميعا. هذا المثل هو خلاصة الحكمة التي يؤمن بها جميع المحاضرين المجانيين. لكن الواقع حتى هذه اللحظة كذب ما كانوا يتمنونه، وخلت الموازنة من الاشارة الى تحويلهم الى عقود او تعيينهم.
 لا أحب مصطلح المحاضر المجاني فهذا الوصف فيه قسوة وهو يقترب كثيرا من فكرة الروبوت الذي يتحرك بلا عاطفة. وهؤلاء الشباب ليسوا روبوتات. إنهم جيل غير محظوظ وجد نفسه في دائرة مغلقة وهو يبحث عن منفذ للخروج منها. إنه يحاول ان يربح معركة استرداد حقه.