الحوار الستراتيجي مع واشنطن ومستقبل العراق

آراء 2021/04/08
...

  عبد الحليم الرهيمي
 
بدأت يوم أمس الجولة الثالثة للحوار الستراتيجي بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية . وفي حين عقدت الجولة الأولى الكترونياً ببغداد في 18 حزيران 2020 وعقدت الجولة الثانية بواشنطن في 17 اب من العام ذاته - حيث عقدت الجولتان ابان عهد الرئيس دونالد ترامب – تعقد هذه الجولة ابان عهد الرئيس الجديد جو بايدن، بما يتطلب تشكيل وفد اميركي جديد للحوار. ويترافق عقد هذه الجولة للحوار مع حدث التحرير و التغيير التأريخي الذي حصل في 9 نيسان 2003 بما سيضفي على مخرجاته، كما يتوقع، وعلى تعزيز وتعميق العلاقات العراقية الاميركية مستقبلا لمصلحة البلدين والشعبين . 
لذلك ابدى العراق منذ البدء ويبدي الآن اهتماماً كبيراً و حريصاً على انجاح هذا الحوار لتعزيز وترسيخ تلك العلاقات على مختلف الصعد السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية.. وغيرها، وبما يساعد في تمكين العراق وشعبه من تسوية وحل الأزمات التي يواجهانها.
وبناءً على هذه الرؤية المستقبلية حرص الجانبان العراقي و الأميركي على تطوير وتوسيع حاضر وآفاق هذه العلاقة وترسيخها عبر الحوار الستراتيجي المستمر والمتواصل، الذي يتفحص ويعيد دراسة وتقييم تلك العلاقات، في ظل تغير المستجدات في الأوضاع في كلا البلدين والمنطقة، وهذا يعني ان تواصل جولات هذا الحوار هو أحد التعبيرات المهمة عن الرغبة المشتركة للبلدين بأن تكون العلاقة بينهما علاقة شراكة و تعاون و السعي المتواصل لتحقيق المصالح المشتركة لشعبي البلدين.
اهتمام العراق الكبير بعقد الجولة الثالثة للحوار عبر عنه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الذي بادر بطرح تحديد موعد للجولة الثالثة للحوار مع وزير الخارجية الاميركي انطوني بلنكين، وذلك بعد اسبوع من تسنم بايدن الرئاسة ودخوله البيت الابيض.
فخلال محادثة هاتفية بين الوزيرين في 28 كانون الثاني من العام الحالي، اكد بلنكين ان وزارته سوف تبني اعمدة الحوار الستراتيجي مع العراق على اساس استمرار المسار، الذي تمَّ الوصول اليه في الجولتين السابقتين والبناء على تلك النتائج، وان الولايات المتحدة ستدعم الاقتصاد العراقي وتقوية الشراكة والتفاعل والتنسيق في مختلف القطاعات، هذا في حين اكد فؤاد حسين لنظيره الأميركي أهمية البدء بجلسات الحوار و ضرورة الوصول الى تفاهمات واضحه في العلاقات بين البلدين، وعبر ايضاً على تطلع العراق الى العمل المشترك مع بلنكين ووزراء خارجية بعض دول الجوار الجغرافي لخفض التوترات و الصراعات في المحيط الاقليمي وأن كل ذلك يحتاج الى تفاهمات جديدة وتواصل دائم.
وفي ضوء هذا الاهتمام المشترك للعراق والولايات المتحدة لأحداث نقلة نوعية متقدمة في علاقات الشراكة بين بلديهما و شعبيهما وهو الهدف الذي سعت الى تحقيقه جولتا الحوار السابقتان، مثلما تسعى الجولة الحالية ومخرجاتها، فإن ما يطلبه العراق بدوره من ذلك هو المساعدة لتحقيق مستقبل افضل لشعبه على مختلف الصعد، وان الوفدين المتحاورين، لاسيما في هذا الجولة، معنيان وخاصة الوفد العراقي بالبحث عن افضل الطرق واقصرها لتحقيق ذلك . اما الاهداف او القضايا المطروحة امام هذه الجولة من الحوار والتي تستكمل مخرجات الجولتين الأولى و الثانية فهي :
- الحوار من اجل التوصل لوضع الاليات العملية لتفعيل اكثر جدية واهتماما لاتفاقية الاطار الستراتيجي (صوفا) التي تم التوقيع عليها عام 2008، وذلك بفصولها العشرة والتي اصبحت، في الواقع، شبه مجمدة خلال المرحلة الماضية .
- مناقشة الوضع الامني و العسكري وحسمه حول تواجد ما تبقى من قوات اميركية داخل القواعد العسكرية، وبما يستمر في الحفاظ على امن و استقرار العراق من مخاطر عصابات داعش وجميع القوى الارهابية وتقديم المصلحة الوطنية العراقية في التعاون الأمني والعسكري، مع الولايات الوتحدة، لاسيما تعزيز دور المستشارين والمدربين العسكريين والمشاركين في الدعم الجوي واللوجستي، بما يمكن العراق من الدفاع الفعال عن أمنه
 و استقراره .
- توسيع دعم العراق على الصعيد التعليمي وذلك برفع عدد المبعوثين للدراسة في الجامعات الأميركية وتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين، اما على الصعيد الصحي، فيتمثل بدعم العراق بما يحتاجه من انظمة صحية والمساهمة في تطوير مؤسساته و مستشفياته ومراكزه الصحية.
- البدء بالاستثمارات الأميركية وتوسيعها في مختلف المجالات بما ينشط الدورة الاقتصادية والعمرانية في العراق .
- البحث في سبل تعاون البلدين لتوفير الشروط اللازمة لإبعاد العراق عن الصراع الأميركي الايراني وآثاره السلبية في أمنه واستقراره.
- مساعدة العراق في الاستفادة من تجربة النظام الاتحادي في الولايات المتحدة، الذي يمتلك تجربة تأريخية غنية، لتجاوز التعثر الحاصل في التجربة الاتحادية في العراق، خاصة العلاقة بين السلطات الاتحادية المركزية في بغداد واقليم كردستان .تلك هي اهم القضايا التي ينتظر ان تتم مناقشتها في جولة الحوار الستراتيجي الثالثة بين العراق والولايات المتحدة، وبما يضمن تعزيز وترسيخ العلاقات الستراتيجية
 بينهما.