حين تهاوى الصنم

آراء 2021/04/08
...

  شمخي جبر
كان نظام صدام آيلا للسقوط فتهاوى امام التدخل الخارجي، بعد ان فقد شرعيته في الداخل وانفض من حوله الناس حتى المستفيدون منه، بل بعض مكوناته حين ضعفت اجهزته القمعية ونخرها الفساد في ظل اوضاع اقتصادية متردية وحصار اقتصادي استمر(13 عاما) افقد النظام جميع مصادر قوته، مع كل هذا كان النظام مستمرا مستكبرا متمسكا بعنجهيته وجبروته الفارغ.
النظام الذي ارتكب الجرائم الوحشية في الجنوب بعد الانتفاضة الشعبانية او في كردستان، كعمليات الانفال او استخدام الاسلحة الكيمياوية في حلبجة، لم يتورع عن ارتكاب اقسى الجرائم بحق الشعب العراقي.
ورغم تعدد الاجهزة القمعية، التي كانت تحيط بالنظام، الا انها كانت اجهزة خاوية فارغة من محتواها، وهي تتلقى التقارير التي تعبر عن الغضب الشعبي المتنامي، وفقدان النظام لجميع مساحات الولاء، التي كان يتمتع بها، فالجرائم التي ارتكبها النظام ضد الشعب بطوائفه واديانه وقومياته كافة اوصلته الى الهاوية والسقوط المدوي.
يرى بعض الباحثين ان وصول النظام الاستبدادي الى هذه المرحلة، يعني وصوله الى حالة من الانسداد السياسي وفقدانه لجميع مبررات وجوده، وهذا يعني فقدان الشرعية وتصاعد النقمة الشعبية ضده ومن ثم وصوله الى التفكك والانحلال، وبلوغ نقطة اللاعودة، وامام كل هذا لم تعد تنفع ولاتستطيع اساليب القمع والارهاب وممارسة التضليل، او اعطاء الوعود بالاصلاح وتشبث النظام بالبقاء او محاولة اعادة التوازن والاستقرار له، فهذه المماطلات ومحاولة كسب الوقت، لاتجدي نفعا لنظام فاقد الشرعية والاهلية، لان هناك عوامل كثيرة تؤدي الى انحلال الانظمة السلطوية، تصبح معها جميع محاولات الترقيع غير مجدية، وبهذا فقد اوصل النظام بقمعه وجرائمه الشعب الى قناعة البحث عن المنقذ حتى لو كان احتلالا اجنبيا.
كما لا يمكن تجاهل العزلة التي كان يعيشها النظام بعد غزوه للكويت في (في 2 آب 1990) دوليا على المستوى الاقليمي والعربي والعالم بأجمعه. وقد كشفت الايام الاولى لما بعد سقوط النظام الدكتاتوري عن الجرائم الكبيرة التي كان يعتم عليها النظام، فكشفت المقابر الجماعية لمئات الالاف من العراقيين بين نساء ورجال، شباب وشيوخ وحتى اطفال.
وهكذا شكلت لحظة ما بعد (9 نيسان 2003 ) قطيعة ثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية، بين لحظتي الاستبداد ولحظة التحول الديمقراطي.
تجربة العراق في التغيير النيساني كانت مصدر خوف لدول اقليمية وقوى دولية، فكالبت عليه تلك القوى، من اجل ألا ينهض العراق كدولة ديمقراطية فتية.
ونحن نحتفل بسقوط الصنم وما زلنا نعيش تحديات الداخل والخارج والتخادم بينهما، من أجل اعاقة العراقيين في بناء دولتهم الديمقراطية البعيدة عن الهيمنة الاقليمية والدولية.