حلم نسائي

الصفحة الاخيرة 2021/04/10
...

حسن العاني 
منذ 63 سنة، لم يهنأ العراقيون بحلاوة النوم العميق ولا الاحلام الوردية، ولذلك كانوا ينامون بعيون مفتوحة، ويحلمون احلام يقظة، ولهذا طالما راودتني مئات الاماني ولم يبق شيء خارج تطلعاتي، اللهم الا أن اكون وزيراً، اذ بات الحصول على كرسي الوزارة متاحاً امام الجميع، سواء عبر بورصة البيع والشراء ام بالمحاصصة ام بنفوذ العشيرة ...الخ، وكان حلمي ينتعش كلما اقترب موعد انتخابات او تم الاعلان عن تشكيل حكومة او تعديل وزاري !.
في احلام يقظتي كنت اتساءل : كيف يتم اختيار الوزير ؟ و ارد على تساؤلي : هناك امران، الاول يتعلق بمدى (وطنية وكفاءة) المرشح، والثاني وجود لجنة من حكماء البلد تتولى مهمة الاختيار، وتضم 7 نساء و 7 رجال، من المشهود لهم بحسن السيرة والسلوك، وتحصيلهم العلمي لا يقل عن الماجستير، ولم تسجل عليهم حالة من حالات الانحياز المذهبي او الديني او الاثني او الجنسي او المناطقي، ثم قادني هذا التحليق الجميل الى تقديم عريضة اطلب فيها تعييني وزيراً وارفقت معها سيرة ذاتية حول كفاءتي النادرة، ووطنيتي العالية، ونضالي المرير ضد الاحزاب اليمينية واليسارية والدينية والعلمانية والدكتاتورية والليبرالية، ووقوفي معارضاً لرؤساء العراق جميعهم، ابتداء من عبد الكريم قاسم، كما ذكرت ما اتحلى به من صفات اخلاقية راقية ( لم اذكر مشاركتي في سرقة دار الازياء العراقية صبيحة التاسع من نيسان، لان السرقة حدثت قبل تشكيل هيئة النزاهة)، وتمت الموافقة على طلبي واسندوا لي حقيبة (حقوق المرأة)، الا ان زوجتي جن جنونها وهددتني، إما هي أو الوزارة (حالة غريبة شهدها العراق، فالتهديدات وصلت حتى الى الوزير)، وليس من المنطقي أن أُضحي بمستقبلي اكراماً لشكوكها، وهكذا طلقتها قبل أن يرتد اليها الطرف، ومن لحظة دخولي الوزارة امرتُ بجعل كل شيء نسائياً، الملاك وافراد الحماية، وحتى الاثاث والارضيات وطلاء الجدران يعتمد على ذوق نسوي، والا كيف تكون وزارة خاصة بحقوق النسوان ويديرها رجال، ثم توجهت الى الكرسي، وقبل أن اجلس وصلني كتاب رسمي يشير الى انني بلغت السن القانونية للتقاعد، ويجب اخلاء المكان، ولكنني في نوبة الغضب 
والنشوة مزقت الكتاب لأن الناس على أرض الواقع لا تتخلى عن هذا المنصب، فكيف تتخلى عنه في أحلام اليقظة؟! وهكذا استرخيت على الكرسي.. وواصلت حلمي اللذيذ!.