دروس مابعد العواصف

آراء 2021/04/11
...

 عبدالامير المجر 
خلال فترة الاحتلال العثماني، رفع مفكرون وساسة عرب شعار الوحدة العربية، بوصفها الوسيلة الوحيدة لتوسل القوة بغية الخلاص من الواقع المزري الذي كانت تعيشه بلادهم.. وقد تكرست هذه الفكرة في فترة الاستعمار البريطاني الفرنسي مطلع القرن الماضي، بسبب دخول العرب الحداثة بشكل عام والسياسية منها بشكل خاص، نتيجة لاتساع رقعة التعليم والانفتاح النسبي على العالم.. الشيء الذي ظل يقف حجر عثرة امام مشاريع الوحدة، هو ليس عمليات قمعها من قبل قوى دولية نافذة فقط، وانما وجود اكثر من مشروع للوحدة وبرؤية عقائدية تتعارض او تختلف عن الأخرى، وهذه مشفوعة ايضا بطموح اصحابها في الزعامة العربية التي باتت موضع تنازع واضح بين الوحدويين، الحقيقيون منهم والزائفون معا، سواء قبل الاستقلال الذي تحقق منتصف القرن الماضي او بعده، الامر الذي سهّل على اعداء العرب مهمة اختراقهم باستمرار من خلال اللعب على وتيرة الخلافات هذه وتعميقها حتى اوصلونا الى ماوصلنا اليه من خراب شامل، تجلت صورته القبيحة والمخزية في ما عرف بالربيع العربي، الذي كشف هشاشة الانظمة وضعف البنية المجتمعية، كمعطى لغياب التنمية الشاملة الصحيحة وتردي الواقع المعيشي للناس.. اليوم وبعد ان وقف العرب على اطلال هذا الخراب الكبير، عليهم ان يستفيدوا من الدروس ويقرؤوا الماضي بشكل جيد ليجنبوا الاجيال المقبلة ويلات ماحصل سابقا، ليس من خلال عقد المزيد من مؤتمرات القمم واصدار البيانات الختامية، بل من خلال ايجاد وسيلة واقعية لتحقيق قدر من التقارب السياسي والاقتصادي، بعيدا عن اية مزايدات على شكل نظام الحكم هنا او هناك، فالعلاقات الاقتصادية تمثل اساسا لأي تلاحم بين الشعوب وان اختلفت ثقافيا، فكيف اذا كانت بثقافة واحدة.. التقارب السياسي المطلوب يجب ان يبنى على رؤية واقعية لمعالجة المشاكل العالقة المشتركة بما يضمن للجميع أمنهم ومصالحهم، وبذلك فقط يصبح العرب اقرب الى بعضهم كأنظمة وشعوب معا، وتصبح لديهم ليس فقط القدرة على التصدي لأي مشرع يراد له ان يفرض عليهم من الخارج الإقليمي او الدولي، وانما ستتجنب الدول الاقليمية والدولية ذلك، لأنها ستواجه بجدار سياسي واقتصادي وأمني يردعها، وعند ذاك فقط يتحقق ما يعرف بالأمن القومي .. وهو ما يريده المواطن العربي ويحتاجه اكثر من حاجته للشعارات والبيانات.. فهل نحن على ابواب هذا
 الأمل؟!.