عن يوسف الصائغ

ثقافة 2021/04/12
...

د. حسين القاصد
 
كانت حالة تحول بدر شاكر السياب من اليسار الى القومية صادمة ونافعة لزملائه في آن واحد، اما كونها صادمة فذلك الأمر تم البحث فيه كثيرا، واما كونها نافعة فهذا ما نحن بصدده الآن؛ فلقد صار السياب جسر عبور لأغلب الشعراء الذين تنقلوا بين فكرين سياسيين او اكثر، حتى نكاد نلمس تصريحا في طيات قصائد يوسف الصائغ تشي بأنه تحول من الشيوعية الى حاضنة البعث متشبثا بأسبقية السياب في ذلك. 
وقد اتضحت ملامح التحول عند يوسف الصائغ في السنوات الاولى التي تلت انقلاب 17 تموز 1968، ففي القصيدة التي القاها في تأميم النفط تبدو ملامح تحوله من الشيوعية الى الميول البعثية واضحة جدا.. اذ نقرأ المفردات القومية والاشادة بالرئيس الذي هو احمد حسن البكر: 
وكل العراق ـ إذا امطرتنا السماء ـ رفاق 
ويهدر صوت الرئيس 
كأني أنا الختم فوق العيون التي استلبوها 
كأني أنا الحرس المتيقظ في ساعة الصفر 
.. بيتي هو الحقل 
.... الى قوله: 
ضعوا عند باب الخميس سواعدكم 
وانسجوا فوقها معدنا وزنادا 
ليوم غد 
ساعة السعف 
والتمر 
والزيت 
والفرح العربي.
 وتاريخ القصيدة أو تاريخ صدور كتاب «لغة النار الأزلية» الذي جمع قصائد التأميم هو 1973. يقول الدكتور محمد حسين الأعرجي (فإذا تكون العلاقة في «رياح بني مازن» بين الثورة والجماهير فإن العلاقة في «انتظريني عند تخوم البحر» بين الثورة والشاعر وقد كتبت مطلع عام 1971) ولا شك في أن هذا التاريخ يحدد بداية التحول من الشيوعية والتقرب من البعث وافكاره وسلطته، لأن «انتظريني عند تخوم البحر» موجهة للسياب والصائغ جعل من السياب جسرا كي لا يلام على التحول، حيث (يحاول رسم ملامح السياب الذي هو في الوقت نفسه يحمل وجه يوسف)، وهو التاريخ المزامن لتاريخ قصيدته في  التأميم ، بل انه سبقها بسنتين على أقل تقدير.  يقول إريك جيل (متى يعلم الثوريون أن الثقافة مخدر...؟ فحتى لو كان صحيحا الدين افيون الشعوب، فخير لك أن تتسمم من أن تسمم نفسك، وأشرف للمرء أن يقتل من أن ينتحر، فلتذهب الثقافة الى الجحيم؛ تلك الثقافة التي تضاف كالصلصة الى السمك العفن لتجعله مستساغا)، فلماذا يحاول الصائغ جعل افكار البعث مستساغة، وما علاقة أنّة العربي بنفط العراق، اليس (الأنّة) أنّة العراقي والنفط نفط العراق، لماذا يحاول الصائغ اقناعنا عبر نسق التخدير الذي اخضع نفسه له، ثم جاء ليخدر الآخرين ثقافيا.