عن الاتفاق العراقي الأردني
الثانية والثالثة
2019/02/09
+A
-A
عبد الحسين الهنين
ان هذا الاتفاق سوف يعزز من موقع العراق في مؤشر الحرية الاقتصادية (Index of Economic Freedom) الذي هو عبارة عن سلسلة من 10 قياسات اقتصادية لقياس درجة الحرية الاقتصادية في دول العالم، الأمر الذي يقلل من كلف التأمين والمخاطر في العراق ويحسن من سمعة البيئة الاقتصادية الاستثمارية فيه، ويعبر هذا المؤشر عن مدى الارتباط بين الحرية الاقتصادية وتحقيق رفاهية الشعوب، كما يعطي صورة عامة لمناخ الاستثمار في البلاد من خلال الأخذ في الاعتبار التطورات المتعلقة بالعوائق الإدارية والتجارية ومدى سيادة القانون وقوانين العمالة.
وللمؤشر أهمية كبيرة بصفة أساسية للمستثمرين ومتخذي القرار في خلق انطباع ايجابي عن الدولة وهو ما يساعد على جلب الاستثمارات الأجنبية، والذي جسد فيها الاتفاق الأخير واحدا من معاييره الأربعة التي يعتمدها المؤشر في قياس الحرية الاقتصادية التي تتمتع بها الدول من خلال أربعة معايير تشمل 12 معيارا فرعيا للحريات الاقتصادية نلخصها بما يلي:
1 - سيادة القانون ويقصد بها الفعالية القضائية، ومدى احترام حقوق الملكية الخاصة والنزاهة الحكومية.
2 - الحرية المالية وتتمثل في الصحة المالية والإنفاق الحكومي اضافة الى الأعباء الضريبية.
3 - الكفاءة التنظيمية وتشمل حرية ممارسة الأعمال وحرية العمل والحرية النقدية.
4 - انفتاح الأسواق ومنها حرية التجارة وحرية الاستثمار وحرية التمويل.
من تجارب عراقية سابقة فان كلفة الأمن في غرب العراق كانت تشكل اكثر من 3 مليارات دولار سنويا ومئات الارواح وتعطل الاستثمارات وضياع الالاف من فرص العمل، بينما يشكل الاعفاء الجمركي لعدد محدود من المنتجات الاردنية كلفة لا تزيد على 20 مليون دولار.
كذلك تشكل خطوة الاردن بإعادة أكثر من 1300 قطعة اثرية سرقت من العراق وهي لا تقدر بثمن، تعبيرا بالغا عن حسن النية تجاه الشعب العراقي وتاريخه وموروثه الثقافي والحضاري، ولذلك ولكل هذه الأسباب فانه يجب النظر بصورة كلية لهذا الحدث وليس من خلال جزء مشوه من الصورة كما يريد ان يسوق لذلك انصار الكراهية والتعطيل والاقتصاد الريعي، فالواضح ان رئيس الوزراء يتقدم بحسابات الربح والخسارة لصالح العراق رغم الخطابات الشعبوية ضده.
ان هذا الاتفاق يشكل أيضا تأكيداً على العلاقات الاخوية الستراتيجية التي تربط المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية العراق وتتويجاً للزيارة التأريخية التي قام بها الملك عبد الله الثاني بن الحسين إلى بغداد بتاريخ 14/1/2019، بعد زيارة الرئيس برهم صالح رئيس جمهورية العراق إلى عمان بتاريخ 15/11/2018 .
وهو متابعة للنتائج الايجابية لزيارة رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز إلى بغداد بتاريخ 29/12/2018 ولقائه المهم برئيس الوزراء العراقي، ثم زيارة وزير المالية العراقي فؤاد حسين الى عمان بتاريخ 19/12/2018، وزيارة نائب رئيس الوزراء الاردني رجائي المعشر إلى بغداد بتاريخ 28/1/2019 على رأس وفد مكون من ثمانية وزراء أردنيين، اذ عقد الجانبان العراقي برئاسة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والاردني برئاسة رئيس الوزراء عمر الرزاز بتاريخ 2/2/2019 بحضور الوزراء والمسؤولين من الجانبين في المنطقة الحدودية بين الكرامة وطريبيل اجتماعا مهما للإعلان عن مرحلة جديدة قوامها تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، و يأتي هذا الإعلان ليؤكد عمق انفتاح العراق على محيطه الاقليمي والذي سينعكس ايجابا على الإزدهار والرخاء في العراق بشكل خاص والمنطقة بشكل عام ويؤكد على رسالة مهمة مفادها أنّ العراق كان وسيبقى منارة للحضارة الانسانية ويمارسُ دورَه الرياديّ والطبيعيّ في طليعة دول الإقليم لمواصلة مسيرته في البناء والتقدم، وبما يخدم تطلعات شعبه نحو الرخاء والازدهار.
وكتحصيل حاصل لتلك الاتفاقية وبحسابات دقيقة، فقد حصل العراق على قائمة من المنافع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية يمكن تلخيصها بما يلي:-
1 - في قطاع النقل، حصل العراق من الحكومة الأردنية على إعفاء البضائع العراقية المستوردة عن طريق ميناء العقبة من (75 بالمئة) من الرسوم التي تتقاضاها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، بحيث يصبح المبلغ الذي يدفعه المستورد العراقي هو نسبة (25 بالمئة) من رسوم المناولة .
2 - حصل العراق على اتفاق تجاري ما بين الملكية الأردنيّة والخطوط الجويّة العراقيّة في مجال الرمز المشترك (Code Share) لتمكين المسافرين على خطوط الطيران العراقي من الوصول إلى وجهات عالمية مختلفة، وكذلك التدريب والتعاون في مجالات الطيران والنقل الجوي وتبادل الخبرات في مجال الأرصاد الجوية والموانئ وتقرر البدء بالعمل بآلية النقل (Door to Door).
وتسمح اتفاقية الرمز المشترك للخطوط الجوية العراقية بالوصول إلى أكبر قدر من المدن العالمية من خلال شبكة الخطوط الملكية الأردنية من دون الحاجة لتقديم رحلات اضافية أو تشغيل خط طيران جديد، وان الأردنية تشترك بدورها بالرمز مع شركات عالمية كبرى (أميركية وبريطانية وغيرها).
3 - وفي مجال السلع والبضائع والمنتجات النفطية بين البلدين بدءاً من 2/2/2019، بحيث يتّم التسهيل على الصناعيين والتجّار ورجال الأعمال في كلا البلدين نقل سلعهم وبضائعهم من العراق إلى الأردن والعكس بكلفٍ أقل ومددٍ زمنية أقصر لتسهيل عملية التبادل التجاريّ، مما يوفّر آلاف فرص العمل من خلال المنشآت التجارية المساندة التي ستنشأ لخدمة هذه الحركة الكثيفة.
4 - وفي القطاع المالي فقد تم التوافق على المبادئ العامة لتسوية القضايا العالقة والمبالغ الماليّة المطلوبة من كلّ طرفٍ للآخر، وتشكيل لجنة فنيّة تقدم حلولا توافقية نهائية مقترحة للملفات المالية العالقة بين البلدين.
5 - وفي قطاع الطاقة الكهربائية، ونظراً لحاجة الجانب العراقي للطاقة الكهربائية، فقد حصل العراق على موافقة الجانب الأردني بتزويد الجانب العراقيّ بالكهرباء من خلال الربط الكهربائيّ لمساعدة العراق في هذا القطاع.
6 - بخصوص مشروع أنبوب النفط العراقي فهو انجاز اقتصادي للعراق أولا وذلك بتمكين العراق من تنويع منافذ تصدير النفط وتعويض فترات توقف التصدير من الموانئ الجنوبية في الأيام التي يكون فيها الطقس غير مناسب للتصدير ( Rough weather) وتشكل نحو 35 يوماً في السنة تقريبا.
7 - في ما يتعلق بتزويد النفط الخام العراقي للأردن؛ فقد توافق الجانبان على أن يقوم الجانب العراقي بتزويد الجانب الاردني بـ(10) آلاف برميل يوميا من نفط كركوك آخذين بعين الاعتبار كلف النقل واختلاف المواصفات في احتساب سعر النفط، الأمر الذي سيفتح باب تصدير النفط العراقي الى الاردن ويسهم في زيادة حركة النقل والشاحنات لدى الجانبين، وسيتم البيع حسب سعر برينت مع ملاحظة سعر النقل بالشاحنات اذ سيباع النفط للاردن مطروحا في كركوك.
8 - في القطاع الاقتصاديّ، توافق الجانبان على قرار مجلس الوزراء العراقيّ المتّخذ عام 2017 القاضي بإعفاء قائمة السلع الأردنية من الرسوم الجمركية، وذلك بعد مفاوضات استهدفت تحديد قائمة السلع التي لا تسبب ضرراً بالصناعة والزراعة المحلية العراقية، كون السلع المعفاة لا تنتج في العراق أو أنّ إنتاجَها لا يغطي حاجة السوق العراقية، وسيتم تعديل هذه القوائم مع تطور الصناعة والزراعة في العراق وهذا يشكل اسلوبا داعما في المنافسة لخدمة المواطن بأقل الأسعار وافضل النوعيات من المنتجات.
9 - في إطار التكامل والتبادل التجاريّ، اتخذ الجانبان العديد من الإجراءات لغرض انشاء المنطقة الصناعية الاردنية العراقية المشتركة والتي تشكّل فرصة لاستفادة المنتجات والصناعات العراقية من إعفاءات ومزايا اتفاقيات التجارة الحرّة التي وقعتها المملكة الأردنية الهاشمية مع دول العالم ودخول أسواق يتجاوز عدد سكانها المليار نسمة بقدرة شرائية كبيرة من دون أيّ قيود فنية أو جمركية، ولتشكّل فرصة لبناء تكاملٍ صناعي اردني – عراقي مشترك، وهذه الإجراءات تدعم محورية العراق وقدرته على ان يكون لاعبا مؤثرا في المنطقة من خلال ربط المصالح الاقتصادية بالأمن والاستقرار في العراق.
10 - وفي القطاع الزراعيّ، تعهّدت وزارة الزراعة الأردنية بتدريب الملاكات العراقية في مجالات الاستخدام الأمثل للمياه في مجال الزراعات المائية والحصاد المائي، وكذلك في مجالات إكثار البذار المقاومة للملوحة وفي مجالات المكافحة الحيوية واستخدام المبيدات الصديقة للبيئة. ووافق الجانب الأردنيّ على منح أفضليّة للسلع الزراعية العراقية للدخول للأردنّ في المواسم التي يشحّ فيها إنتاج الأردن لهذه السلع، على أنّ يقوم العراق بمعاملة السلع الزراعية الأردنيّة بالمثل، بالإضافة الى توحيد تسجيل مستلزمات الانتاج بين
البلدين.
11 - وفي قطاع الصحة، التزم الجانب الأردني بتدريب الملاكات الطبية العراقية وتسهيل إجراءات الحصول على البورد الأردني للأطباء العراقيين، واستكمال الإجراءات اللازمة لتمديد الاتفاقية الموقعة بين البلدين في العام 2004. كما التزم الأردنّ بتسخير كافة إمكانياته وخبراته الفنية والإدارية لتقديم أي مساعدة يحتاج اليها الأشقاء العراقيون في جميع المجالات الصحية، والاستفادة من التجربة الأردنية في مجال تسجيل الأدوية الطبية وتسهيل إجراءات التسجيل والتسعير وفحوصات الكفاءة في الجانب العراقي (التسجيل المتبادل) والإخلاء الطبي وكذلك في مجال التشريعات الطبية والشراء الموحد للأدوية وتطبيق التأمين الصحي بمختلف قطاعاته.
12 - ولتسهيل إجراءات السّفر للأردن لرجال الأعمال العراقيين، سيقوم الأردن باعتماد جهات عراقية من فعاليات القطاع الخاص الرسمي العراقي لتسلم طلبات تأشيرات السفر إلى الأردن، تسهيلا لرجال الأعمال العراقيين في الحصول على التأشيرة للأردن، وذلك بالتعاون مع السفارة الأردنية في بغداد.