نـــوح ...؟

ثقافة 2021/04/14
...

 جبار الكواز
 
لم يكن نوح 
معنا حين هدأ الطوفانُ.
ولم تعدِ الحمامة 
فقد سرقتها ظلال شجرة الزيتون 
والجوديّ ظلّ يربت على ظهر الحوت 
هامساً له: أيا أبتِ.
أيا أخي وخلي أيا صديقي اهدأ.
فالتيهورُ نَعَسَ.
والنجومُ سطعت. 
والشمسُ تجري الى مستقرّ لها.
والحمامةُ ماعتْ في عشّ الغراب 
وبعد حين وحين.. وحين 
مسكتنا صخرة في جبل بابل 
كان ظلها يهذي 
فما زال يتقن بلبلةَ الألسنِ
- أكان الظل يهذي 
أم الصخرة؟
كان الغرباءُ ذوو العيون الزرق.
والزنوجُ.. وذوو اللحى والرايات 
قد ملؤوا شارعَ الموكب بأهازيجهم 
وهتافاتهم.. ودويِّ ديناصوراتهم الحديدية.
يسعَونَ لمحوِ ظلالِها 
وظلالها تتخفى في أزقةِ الحلةِ 
وبين قبورها ومساجدها ومعابدها 
وجنائنها وملائكتها 
ومن بعيدٍ كان (نوحُ) شاهرا سيفه الخشبيَّ 
طاعنا الهواء به ولاعِنا (يأجوج ومأجوج)
بعد أن أصدرا جريدةَ 
(الغياب في أناشيد العذاب) في الباهِ 
والشبق والعشق والهيامِ 
ولم تكن ثمة آبارٌ فلقد ازدردَتها بئرٌ 
ظامئة في معبد (آنو)
وهو يعلم الصبيانَ أغاني النسوة في الطلق 
وتهاليلَ السحرةِ في الزواج المقدس.
ألف نوح كان هنا ولم يكنْ معنا 
نوحُ هات لي: أيها الإسكافي 
حفنة من حريِّ الفرات وجفنة من بئر (نابو)
لأنحتَ سفينتنا التي ستمخرُ الفرات الى العدم.
-أين نوح؟
-لم يكن معنا.
-أكان معنا؟
-ولكنه ليس منا.
هات لي: أيها الحارس شقيقي لأسقيَه 
دمعةً من فراتٍ يتيم.
ليهدأ قلبُه من ثأر (تموز)
هات لي: أيها المزارعُ السرَّ 
فشتلتي ميتةٌ. 
كيف أعلم ولدي بث روحِه فيها 
عَلَناً لا سرّاً 
ودمُه أهدره الانكشاريون في (زليتن)
-نوحُ 
لم يكن معنا.
فمن ذا الراكبُ الاسدَ في شارع الموكب إذن؟!
لا نوحَ معنا 
لا أسدَ في بساتيننا 
لا مزمارَ ولا طبلَ ولا أصناجَ 
ولا دف ولا قيثارةَ 
ولا الفراتَ الذي افترعه البداة في عام 
الرمادة فمن كان معنا إذن؟!
الوطني في نجاحها وفاء للزعيم عبد الكريم قاسم.