حسين مردان وعلي بن الجهم

ثقافة 2021/04/14
...

د. أحمد الزبيدي 
 
الاسم الأول حقيقة  والآخر مجاز عن أحمد فياض المفرجي صاحب كتاب ( المرأة في الشعر العراقي الحديث ) الصادر عام 1958م  مطبعة الجامعة في بغداد . وقدّم له ( علي الورديّ )  ولعل الحادثة الأقرب لعلي بن الجهم، الحقيقي وليس المجازي، هي وصف الخليفة المتوكل بـ (الكلب) مدحًا به وليس ذمًا ولا هجاءً .. وتعالوا لنقرأ بعضًا مما كتبه المفرجي عن حسين مردان (الشاعر العاري) على حد وصف الكاتب وهو يتحدث عن المرأة في شعر حسين مردان: (إن حسين مردان ضحية من ضحايا الحرب العالمية الثانية التي هي في الواقع امتداد للحرب العالمية الأولى .. فلم يجد حسين مردان هذا الانسان اللامنتمي في حياته غير الغربة التي تذيب الصخور الاسمنتية والحزن الذي يفتت العظام الصلدة..) ص 86، وهي مقدمة تتناسب مع كبرياء مردان (بودلير العراق!) كما وصف نفسه ناسبًا النعت لـ (سارتر) حين ادعى لقاءه به!، وحين انتقل الكاتب الناقد إلى الحديث عن نساء حسين مردان والمرأة في شعره قال : ( ولا أخال القارئ يعجب إذا قلت : إن هذا الشاعر العاري ظل السنوات الخمس التي تلت الحرب العالمية الثانية كالكلب الجائع اللاهث الذي يبحث عن كلبة تطفئ النار المتأججة في أردافه وقلبه .. !)
ص 87 .
ثم راح الناقد يثبت مجازاته الجهميًة عبر نصوص شعرية من شعر حسين مردان من ديوانيه : قصائد عارية واللحن الأسود حتى اختزل موقفه من شعره  : ( إن المرأة في نظر مردان العاري كلبة ضائعة مشاعة لكل كلب محروم مثله !) ولعل المفرجي ادرك غضب الخليفة فتلاحق نفسه بالاعتذار (أرجو من الأخ الشاعر حسين مردان أن يغفر لي ويعذرني إذا ما شعر بقسوة هذه الكلمات) ص89 . 
 ولنلتمس للمفرجي العذر_ أيضًا _ إذا ما أثار فينا الضحك على أحكامه النقدية وتشبيهاته واستعاراته النقدية أو ذكرنا بعلي بن الجهم؛ ونعد نقده ( الغنائي !) الذي سبق ولوج المناهج العلمية النقدية في النقد العربي الحديث.. ولكن كيف لنا أن نعذر ناقدًا (حداثويًّا!) ينقد نصا شعريا لصديقه الشاعر الذي نشر نصا في مجلة خليجية وفيها صورة شعرية شعبية (والمطي يموت بكروته) فيقف المقال عند هذا التوظيف ليحلله (سيميائيا!) ويتغزّل (بالدهشة الشعرية الكبيرة التي تفتقت من هذه الصورة الشعرية الكبيرة!!) في مرحلة اتخمتها المناهج العلمية النصية بمختلف مرجعياتها الفلسفية والفكرية ؟ أم لأنه أراد نيل إعجاب شاعره (المتوكل) فأفاد من فطرية علي بن جهم الشعرية واغتنمها قصدية
نقدية؟!