زائر المساء

ثقافة 2021/04/15
...

  د.عبدالحسين علوان الدرويش
                    
كان السيد نور جالساً في مضيفه كعادته.. وقد أقبل الليل عندما طرق عليه الباب فجأة، فعلم أنه ضيف جاء قاصداً مضيفه، وكان عليه ان يقوم بواجب الضيافة على أحسن حال، كيف لا ومضيف السيد على الشط ، يأتون اليه أفواجاً أفواجاً من كل حدب وصوب، وقد صبغت جدران المضيف والباب الخشبي بالحناء، وعلقت قطع القماش الخضراء، والرايات البيضاء التي انطبعت عليها كفوف الحناء على السدرة المقابلة للمضيف، ويأتي الزوار وهم يوفون النذور من الهدايا والعطور والبخور والشموع وأشياء أخرى..
وبعد ان رحب بالضيف، نادى السيد على زوجته من وراء الحجرات قائلاً لها: أحضري لنا الطعام للضيف العزيز ... قالت زوجته وهي تهمس في أذنه خشية أن يسمعها الضيف، يا سيد لا يوجد لدينا رز.. فقط شعير في ذلك الكيس، نهض السيد من فوره وأستأذن من ضيفه العزيز، وذهب الى حجرة المؤونة، فوجدها فارغة إلّا من كيس الشعير، فمد يده في ذلك الكيس الوحيد، وما برح ينادي زوجته: أطبخي يا امرأة من هذا الرز، فتعجبت زوجته واندهشت أيّما اندهاش لما شهدت بأم عينيها ذلك الموقف العجيب الذي  تحول به الشعير الى رز عنبر !!!....
فاحت رائحته في ذلك  المكان، وبعد ان قامت زوجته بتحضير  الطعام، صاحت بأعلى صوتها وهي تنتخي: أنا أخت عبد .. ! إذ لم تجد حطباً ولا ناراً لطبخ الطعام، نادت على زوجها للمرة الثانية، فأسرع اليها متذمراً وقال لها: ماذا دهاك يا امرأة ؟ ألا تعلمين انني مشغول مع الضيف..؟ فقالت له باستحياء: ليس لدينا حطبٌ أو نار لطهو الطعام!!، فقال السيد لها: إنّي آنستُ ناراً عند الجيران لعلّي آتيكم منها بقبس أو جذوة من الجمرات. فناوله جاره جمرات من النار، لكنه ذهل واصابته الحيرة وفقد النطق، عندما رأى السيد يرفع أطراف ثوبه بيديه ويضع النار في حجره، وينطلق بها عائداً الى بيته، وما زالت جذوة النار متقدة،من دون أن يحترق ثوبه الناصع البياض!!.