المستبد حين يطغى

آراء 2021/04/15
...

 علي كريم خضير 
 
ليس ببعيد عن بال أي عراقي شهد فترة الحكم الجمهوري في البلاد، أن ينقل لنا حجم الصراعات السياسية بين الأحزاب التي عمدت إلى تأسيس الأجنحة العسكرية لها، من أجل تصفية الشخصيات المعارضة بطريقة مغيبة، وبعيدة عن صور الإنسانية 
الحقة. 
ويعد حزب البعث في العراق صاحب الامتياز الأول في هذه النظرية الشوفينية التي تسلل من خلالها إلى السلطة أولا، ومن ثم مارسها على معارضيه السياسيين ثانيا، وهو في سدة الحكم، بل إنه مارسها بين أعضائه في الحزب الواحد بعد تمكن المقبور صدام من القبض على السلطة. 
وللعراقيين قصص تصنف في سياق (الأدب العجائبي في شخصية أبو طبر) تسرد حوادث قتل لشخصيات بطريقة لم تخطر على بال الكثيرين، وترمز إلى حجم الإجرام البعثي الصدامي الذي حكم العراق بفروض القوة، وسطوة المتجبر. 
وقد ظلت هذه  الممارسات المنحرفة تتغول في ذاكرة العراقيين غير الأسوياء، حتى سجلت صحف الإجرام في المجتمع العراقي أرقاما قياسية في إحصاءات الحوادث، وحيثيات هذه الأفعال، في الأجيال اللاحقة. 
وقد شهدت مسيرة صدام الدموية خروقاً من نوع آخر، لم يشهد لها مثيل في التاريخ.
وقد يكون المقبور صدام واحدا من أبرز الحكام العراقيين في العصر الحديث، من حارب الدين، وناصبه العداء. 
وكانت نظراته لا تتوقف من جعل عجلة الدين معطلة بين المسلمين، لأنه أراد أن يستأثر بالسلطة لنفسه حسب. وقد يتصور البعض أنه وقف بالضد من مذهب محدد. 
ولكن الحقيقة أن صدام شدد الخناق على المذهب السني كذلك، حتى أن مجموعة من علماء السنة طلبت يوما إنشاء إذاعة لهم تتطرق إلى الأحكام، والعبادات، والتوجيهات الدينية، فلم يصغ إليهم.  
وهو يقلد المنهج الأموي، والعباسي في عصره الأول برمته. فحفل عهده بأقسى ألوان التعذيب، والتنكيل، والتشريد، والفاقة، والفقر.. 
وكل تلك الممارسات الضيقة، ألقت على العلماء العظام مسؤولية التصدي، والمنافحة من أجل مصير الدين، والعباد في ظل هذا الحكم الجائر. فانبرى له السيد الشهيد الصدر الأول (قدس سره الشريف) مقارعا هذا الامتهان، ليذهب ضحية هو وأخته الطاهرة العلوية بنت الهدى من أجل أن يعبِّدا نهج الحق. 
فكانا مناسبة هادفة لنهاية الظالم بسيف الظالم في التاسع من نيسان 2003م. وهو ذات اليوم الذي وافق استشهادهما في التاسع من نيسان من 
عام 1980م.