هوس الاستهلاك في رمضان

آراء 2021/04/17
...

 عباس الصباغ
لاينفرد شهر رمضان الكريم بهذه الصفة الاقتصادية الغريبة، او الشعب العراقي عن غيره من الشعوب، فهوس الاستهلاك (Oniomania) يمتد الى طيلة ايام السنة، لكنه يتعمق في رمضان ويصل في بعض الاحيان الى حدّ الادمان، 
 
فقد اعتادت الكثير من الشعوب «ومنها الشعب العراقي» على استقبال هذا الشهر الفضيل بحفاوة بالغة، ومن ثم بشراء مالذّ وطاب من المأكولات والمشروبات التي تعين الصائم وترفده بالطاقة المطلوبة في صيام الشهر الفضيل، ولأن هذا الاكتناز صار اشبه بالتقليد  الفولكلوري يصلُ الى درجة الهوس، الذي هو عكس ترشيد الانفاق وتقنينه ضمن سقف المعقول، فالهوس يعني اللامعقول في كل شيء وفي الانفاق أيضا.
إن تعافي المستوى المعيشي للفرد العراقي وبعد عقود من الحرمان والقحط يبشّر بأكثر من دلالة على تعافي الاقتصاد العراقي وازدهار القوة الشرائية الاستهلاكية للمواطن العراقي، لكن ارتفاع المستوى المعيشي شيء وارتفاع نسبة الاستهلاك اليومي شيء آخر، الاول يدل على التعافي الاقتصادي الذي لمسه العراقيون بعد التغيير النيساني المزلزل، رغم بقاء نسبة كبيرة من شرائح المجتمع تحت خط الفقر او بقوا على فقرهم ولم يتحسن مستواهم الاقتصادي لأسباب شتى، والثاني يدل على حالة غير طبيعية او غير معقولة في الانفاق، فالمستوى المعيشي للكثير من العراقيين قد تحسن رغم ازدياد نسب التضخم واضطراب سعر صرف الدولار، إلّا ان هذا لم يحدّ من دون استشراء نزعة الاستهلاك حتى للأشياء غير الضرورية التي تتجلى على أوجها في شهر رمضان الفضيل، إذ يذهب الكثيرون الى تأمين متطلبات هذا الشهر الذي يمتد بأيامه «الثلاثين» وليس اكثر من هذا، لكن البعض يغالي في الاستهلاك لأكثر من هذا المقدار، ولاشياء هي فائضة اساسا عن الحاجة الفعلية، وهذه النزعة لها آثار سلبية جدا كونها تعطي الحجّة لارتفاع الاسعار وحدوث خلل في ميزان الطلب والعرض فكثرة الاستهلاك تؤدي الى نفاد بعض السلع او ارتفاع سعرها مايؤثّر على الفقراء او ذوي الدخل المحدود، وهذا الهوس هو ضد سياسة الادخار التي يجب أن يتحلّى بها الفرد كي يضمن المستقبل المنظور ولا يعيش في عوز او فاقة وسياسة الادخار او تقنينه تضمن له ذلك، كما تفعل الشعوب الناجحة والخلاقة.