مطربو الاعلانات

الصفحة الاخيرة 2021/04/20
...

سامر المشعل 
عندما يبدأ الفنان يتلمس طريقه في دروب الفن الوعرة، ربما تضطره الظروف الى العمل مع اشخاص واماكن يترفع من التعامل معها في ما بعد، عندما يصبح نجما معروفا، مثل العمل في مجال الاعلانات، أو الغناء في الاعراس والمطاعم الرخيصة، فهو بحاجة في هذه الفترة كي يحصن نفسه ماديا ويستطيع أن يشق طريقه وينتج اغاني تقدمه للجمهور.
وعندما يدخل الفنان في بحبوحة العيش وترف الفن ويتقاضى بالساعة الواحدة آلاف الدولارات، لابد في هذه الحالة أن تخف شهوته للمال ويفكر في اسمه الفني ومنظره امام المشاهدين وهو يروج لاعلان تجاري معين.
الاعلان يدر اموالا كثيرة من دون عناء، وربما يوفر الحضور المجاني للفنان على الشاشة، رغم ان اغلب الاعلانات تكون مملة ومبالغ فيها، وخصوصا في شهر رمضان واوقات الذروة، والقليل منهم من يفكر بأن هذا الاعلان ربما يسهم في استهلاكه اعلاميا ويصغره في عيون المشاهدين والجمهور الذي يتابعه.
الكثير من الفنانين يندفعون امام اغراءات المال ولا يعيرون اهتماما لجمهورهم أو يفكرون بجدوى الاعلان ونوعيته وتأثيره في حضورهم وشخصيتهم الفنية.
لا بأس أن يقدم الفنان اعلانا عن منتوج يهم الناس كقيمة استعمالية أو يحثهم على امر يعنى بالجانب الصحي أو فعل حضاري أو دعم المنتوج الوطني أو التكاتف المجتمعي وغيره، فدور الفنان كبير وعامل مؤثر في توجيه المجتمع، لكن أن يروج الفنان لعلف حيواني أو شامبو رديء أو عسل مغشوش أو مرفق لا يهم الفقراء أو متوسطي الدخل، فهذا الفنان يفقد قيمته وحضوره ويصبح أداة بيد التجار واصحاب رؤوس الاموال. 
على سبيل المثال محمد رمضان ممثل كبير، تسند له ادوار البطولة في اهم الاعمال الرمضانية كنجم درامي صاعد، يتابعه جمهور كبير في جميع انحاء العالم العربي، لكن صورته تهتز عندما “يتنطط “ ببعض الاعلانات التجارية، ويغني بقصات شعر غريبة وبحركات بهلوانية تسيء لشخصيته الفنية، التي رسمها في اذهان المشاهدين كممثل ملتزم بادوار جادة ومهمة.
الفنانون الكبار امثال محمد عبد الوهاب وام كلثوم ومحمد فوزي وفيروز وعبد الحليم حافظ وناظم الغزالي، لم ينجروا الى الاغراءات المادية، لانهم يحترمون فنهم وجمهورهم ولديهم رسالة فنية لا يضحون بها من أجل المال.
ويبدو ان عطاء الفنان له علاقة بتوجهاته والجو الفني الذي يحيطه، فسابقا كان الفن ذا قيمة بنظر الفنان وجمهوره، وكان الفن للفن، وعندما تحول الفن الى تجارة ويخضع لسياقات السوق والبورصة، فامر طبيعي أن يكون المطرب مروجاً لاعلانات تجارية، من دون أن يفكر كثيرا في المنتوج ونوعيته ومظهره امام المشاهدين، واصبح اهتمامه ينصب على مقدار ما يتقاضاه من المعلن.