فرضيات تلفزيونيَّة خاطئة

آراء 2021/04/20
...

  د.محمد فلحي
المهرجان البرامجي والدرامي الرمضاني، في التلفزيونات العربية، ظاهرة ليست جديدة، فقد ارتبطت (برامج رمضان) بالعصر الذهبي للتلفزيون الملون، وكانت شركات الإنتاج التلفزيوني تتسابق في تسويق برامجها ومسلسلاتها المخصصة إلى القنوات الأرضية المحلية، وعرضها في شهر رمضان الكريم، الذي يشهد تعديلا في منهاج أغلب تلك القنوات، ذات الصبغة الرسمية، لإشباع الرغبة الجماهيرية في وقت المشاهدة الليلية. 
 وفق عادة السهر السائدة في الشهر الفضيل، الذي يفترض أن يكون شهر الصيام والعبادة حسب فرائض الإسلام الحنيف، فتحول بين يدي شركات الإنتاج الإعلامي والفني، إلى مناسبة سنوية للتسلية فقط.هناك فرضيات تلفزيونية رمضانية خاطئة، موروثة من حقبة التلفزيون الأرضي، يمكن إعادة النظر فيها، أو تصحيحها، في ظل متغيرات العصر السريعة، في العقدين الأخيرين، ومن أهمها البث الفضائي وشبكة الإنترنت والهواتف الذكية:
الفرضية الأولى: (إن المشاهد سوف يتابع قناة مفضلة معينة، أغلب الوقت، ويحرص على مشاهدة برامجها ومسلسلاتها، طوال ساعات البث المستمر، ليلاً ونهاراً)، وهذه الفرضية سقطت أمام غزو البث الفضائي الذي جعل الخيارات متعددة في القنوات، وفي البرامج، وفي التوقيتات، فالمشاهد يمكن ان يوصف اليوم بـ (الزئبقي) الذي يستطيع الانتقال من قناة إلى أخرى في ومضات عبر جهاز (الريموت) الذي من النادر ان يستقر لمدة طويلة، على شاشة واحدة!.
الفرضية الثانية: (إن طريقة المشاهدة أسرية جمعية، عندما تجتمع الأسرة أمام شاشة التلفزيون في وقت مسائي محدد، لمتابعة عمل درامي أو برنامج تسلية، حزورات أو كاميرا خفية مثلاً)، والواقع أن عادات المشاهدة تميل إلى الفردية في الوقت الحاضر، وربما تجد أكثر من شاشة ذكية في المنزل، وحتى في غرف النوم، ولكل فرد شاشته وبرنامجه المفضل، وأغلب المشاهدين يفضلون الهواتف الذكية!.
الفرضية الثالثة: (إن هناك ميدانا زمنيا لسباق البث الرمضاني يمتد من الإفطار حتى السحور، أي نحو عشر ساعات ليلية، تمثل ذروة المشاهدة، وهي مخصصة للتسلية)، ولكن الحقيقة أن رغبات المشاهدين واهتماماتهم تنوعت في عصر الانترنت، وهناك جمهور منقسم في توجهاته، وقد يكون جمهور الدراما والتسلية التقليدية مرتبطاً بالفئات العمرية الكبيرة، أما الشباب، وهم الأكثرية، فقد سحرتهم مواقع التواصل الاجتماعي، ومن الواضح أنهم يجدون في وسائطها المتعددة والتفاعلية إشباعاً لحاجاتهم لم يعد التلفزيون قادراً على تلبيتها!.
الفرضية الرابعة: (إن المبالغة في الإثارة في الدراما أو البرامج، وبخاصة ما يوصف بـ «الكاميرا الخفية» سوف يجذب الجمهور ويحقق نسبة مشاهدة مرتفعة)، وهنا يبدو أن المشاهد الواعي أصبح يعرف لعبة الخداع المصطنعة من خلال الاتفاق المعروف بين المنتج والمقدم والضيف، ولم يعد عنصر المفاجأة أو الصدمة يؤثر في الجمهور، مثلما كان يحصل في البرامج الواقعية!.