لبن أربيل!

الصفحة الاخيرة 2021/04/21
...

حسن العاني 
كثيراً ما تتردد على ألسن الناس كلمة "المشهور" و "الشهرة" ويراد بذلك لغوياً "إظهار الشيء، او الامر المذكور والمعروف بين الناس، والشهرة من حيث هي وصف، يمكن أن تكون ايجابية او سلبية، او مجرد وصف محايد، ومن المعلوم انها لا تتعلق فقط بأعمال الانسان او طبيعته او سلوكه، لأنها تشمل بعض الحيوانات والكائنات الحية، مثلما تشمل الجمادات بشتى 
انواعها.
وأسباب الشهرة كثيرة جداً، ولكنها لا تعني انها حكرٌ على أحد، فالكرم على سبيل المثال هو الفعل الذي اشتهر به حاتم الطائي، ولكن هذا لا يمنع من وجود مليارات الكرماء عبر التاريخ البشري، إلا ان الطائي كان في القمة، مع قناعتنا بوجود من هو أكرم منه، غير إنه لم يُعرف أو يشتهر بين الناس لهذا السبب أو ذاك، وبالمنطق نفسه نتحدث عن شهرةٍ في ميدان البطولة او الذكاء او الغباء أو البخل أو الشرف ..الخ، بغض النظر عن جنس الانسان او عمره او انتمائه.
المعلومات الشائعة لدى الجميع، ان (ملك الغابة) مثلاً هي شهرة الاسد، والحيلة شهرة الثعلب، والوفاء شهرة الكلب ..الى آخر القائمة الطويلة ولا تخرج المدن والعمائر والشوارع والنصب والتماثيل عن هذه القاعدة، فالبصرة ولندن وسامراء واربيل ومصر وايطاليا وغيرها من مئات المدن، اقترنتْ شُهرتها بأثر تاريخي او معماري أو حضاري، وبعض المدن اشتهرت بأكثر من دالة، فبغداد على سبيل المثال والعراق هو (بلاد الرافدين، أرض السواد، ألف ليلة وليلة)، وواضح من هذه الاشارات، أن الشهرة هي أول ما ينصرف إليه الذهن عند سماع هذه الكلمة أو تلك، فالجنائن المعلقة والحدباء والملوية ونصب التحرير والزقورة لافتات تشير عناوينها الى بابل والموصل وسامراء وبغداد والناصرية. 
وتصل الشهرة أحياناً الى الاطعمة والحرف والاعمال اليدوية، فالبساط يقود الى مدينة (الحي)، اما الكباب والكبة والسبزي والدليمية فتقود الى الفلوجة والموصل والبصرة والانبار، ولعل (لبن اربيل) حظي بشهرة واسعة النطاق، ومن أطرف (النكات) التي شاعت في ستينيات القرن الماضي- اذ كان أحد المحال القريبة من وزارة الدفاع يبيع هذا اللبن-  إن مواطناً بعث رسالة الى ولده في الوزارة، وكتب على المظروف، العنوان التالي : بغداد / وزارة الدفاع / مقابل لبن أربيل!.