مروان تمتع بثروة موتك الطائلة

ثقافة 2021/04/25
...

حميد المختار 
 
هو واحدٌ من شعراء الأجيال الجديدة التي ظهرت بعد سقوط نظام صدام، بزغ نجمه ولمع في سماء الشعر العراقي هو وزملاؤه مقتحمين الأماكن الشعرية الشاغرة حتى ملؤوها على آخرها، مروان عادل حمزة بلبل الشجن العراقي الذي يصنع الكركرات الشعرية بتلقائية محببة، لا يخفي ابتسامته وفرحه في كل الامكنة، فصار طائر الشعر السعيد حتى وهو يرثي الآخرين من الأحبة الراحلين، مروان شاعر جريء لا يخاف تجاوز الأشكال الشعرية التي راوحت في مكانها لعقود طويلة، لذلك تراه يقول الشعر كما يطلق الطرفة بدموع سوداء وكوميديا حزن عراقية خالصة،/ ظل هو الآخر يجلس على كومة أيامه ويكتب رسائل بعناوين ميتة لأحبة منشغلين/ هذا هو شعر مقتطع من أجزاء حميمة من حياتنا، أترنم معه دائما وهو يتأرجح على أراجيح قصائده صاعدا وهابطا، يصعد ضاحكا ومؤتلقا بنور إبداعه ويهبط باكيا على غياب وجه حبيب لديه،/ يا صديقي لا قيمة لأصوات الموتى، لذلك لا يعلق المرشحون ملصقاتهم في المقابر، لذلك لا يعدكم المسؤولون بإنشاء مقابر جديدة، ولذلك أيضا سلمنا نسخا من شهادة وفاتكم لدوائر الدولة حتى تتخلص من أعبائكم/، ومن الذي قال انكم أيها الأحبة الراحلون اعباء على حيواتنا، ايها الشاعر المرفرف بشعره على أرواح جلاسه في المقاهي والشوارع، تركض خلف ظلال من رحلوا معلنا انك ستكون التالي، ثم فاجأتنا برحيل مبكر، هل ودعت احبتك قبل الطيران؟، هل قبلت عتبة بابك الذي صار بلون الزمرد؟، هل أخفيت صوتك الآتي من دم البيلسان؟، صوتك الماضي وصوتك المقبل الذي تمرد كآبته، تتذكر الصور المغوية التي خلت من الألوان حين تصبح الدموع داكنة كقطرات مطر تهمي من مناقير عصافير الفرح، لا تفرغ كركراتك من المعنى وانت ممدد في نومتك الأخيرة، لم يتذكر المشيعون الشموع حين حملوا قصائدك 
التي صمتت وهي تتجه إلى المقبرة، حين رحلت يا صديقي تحولت دموعنا إلى شموع متوهجة تحترق عند قدم النعش ورأسه، يا صديقي قلْ لمن معك من الميتين كم احترقنا شوقا إليهم، ونحسب أيامنا لأوان الرحيل، قلْ لهم لا تعولوا كثيرا على دموع زواركم، 
وأن لا يبعثوا بأشباحهم الطيبة إلى الدول التي تقرأ المعوذتين لتطرد أرواح أبنائها، قل لهم إنكم تضيعون بذلك فرصة موتكم الوحيدة، وتنامون في قبور الآخرين، فاِخلِ سبيل ذكرياتك وقلْ وداعا، قلْ وداعا يا مروان وتمتع بثروة موتك الطائلة، فقط نجوت من حياة زائفة 
وماكرة.