جماعات الضغط

آراء 2021/04/25
...

  حميد طارش
 
وتعرّف هذه الجماعات بأنها «مجموعة منظمة من الأشخاص أو المنظمات الذين يتشاركون في المصالح والاهتمامات، والذين يحاولون التأثير في الحكومات وفي وجهات نظر الأشخاص، لإقناع السلطات المعنية بإحداث تغيير ما في السياسة العامة، وذلك بهدف كسب منافع لأنفسهم أو لقضاياهم التي يتبنونها»، وهذه الجماعات تعمل في إطار القانون لكنها تستغله بمدى أوسع لحماية مصالحها عن طريق التأثير في المشرعين وصنّاع السياسات والقرارات في تبنّي رؤيتهم في ما يصدر عنهم مقابل دعمهم اثناء الحكم وفي الانتخابات، حيث يكون لهذه الجماعات دور كبير في تمويل الانتخابات والدعاية لها بغية تحقيق الفوز،  وهذا يعني لا وجود لجماعات الضغط في ظل الانظمة الدكتاتورية، وهذه الجماعات لا يمكن لها النجاح ما لم تتوفر عناصر تتمثل بالتنظيم والتحشيد والمال، فضلاً عن دعم الاعلام وتركز هذه الجماعات في عملها على كسب منظمات المجتمع المدني والاتحادات المهنية، لما تتمتع به من جماهير واسعة قد تحتاجها للضغط عن طريق الاحتجاج والتظاهرات، في حالة فشل وسائلهم الاخرى، كالاتفاقات والتفاوض وتقديم الطلبات، كما لا يمكن تصور نجاحها من دون توافر الوعي الاجتماعي والسياسي لذك نجحت هذه الجماعات في الدول المتقدمة وانعدم أثرها في الدول النامية، أي بمعنى آخر، هي تلعب دوراً مهماً ومتبادلاً مع السلطة في بناء الدولة وتطورها لأنها تمثل مصالح شرائح واسعة، ولذلك تسمى أحياناً بجماعات المصالح، وهذه المصالح قد تكون اقتصادية أو ثقافية أو خدماتية، ومن ثم فإنها تلفت نظر الدولة اليها مما يصب  تحقيقها في عملية التطور والرخاء، بخلاف الدول المتخلفة التي حرمت من هذه الجماعات، فاصبحت عملية التخطيط والبناء رهناً بساستها الذين تسهل عملية انحرافهم بسبب غياب جماعات الضغط، والاخيرة بذلك، تمارس مهمة رقابية على الحكومة.
وقد وجه النقد لهذه الجماعات، واختلفت الآراء فيها، بوصفها تعمل خارج اطار الدستور والقانون أو تعمل لاجل مصالحها الخاصة أو تتدخل في عمل الحكومة، لكنها بخلاف ذلك، ودليل ذلك، القوانين المهمة التي لم يصدرها البرلمان العراقي كانت ستصدر لو وجدت جماعات الضغط، كقانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي وقانون حق الحصول على المعلومة أو تعديل قانون الاستثمار بما يلبي فرصا واسعة للاستثمار وتشغيل الايدي العاملة وهكذا، وينطبق هذا تماماً على سياسات الحكومة التعليمية والصحية وغيرها لجعلها أفضل، كما ان تنوع جماعات الضغط من شأنه ان يغطي مصالح جميع الفئات، أي تحقيق المصلحة العامة، فضلاً عن دور الحكومة في التوازن بين المصالح  في حال تعارضها.