سلام مكي
أغلب الحكومات المتعاقبة، والحكومة الحالية، تسعى لتعظيم الإيرادات غير النفطية، وتعزيز ما يدخل لخزينة الدولة من مبالغ، خصوصا المتأتية من مصادر غير مبيعات النفط، وهو أمر مهم وضروري في ظل الأزمة المالية التي يعيشها البلد، نتيجة لتراجع أسعار النفط، ووجود فرق كبير بين المصروفات والواردات ووجود عجز مالي كبير في الموازنة العامة للدولة.
ولعل أقصر الطرق التي توصل إلى هذا الهدف، هو رواتب الموظفين، ذلك أن النسبة التي تحتلها رواتب الموظفين في الموازنة كبيرة جدا، وتحتاج الحكومة شهريا إلى مبالغ طائلة لتوفير رواتب الموظفين، وتلك المبالغ التي تعتمد على النفط، قد لا تتوفر بالضرورة، نتيجة للوضع المالي والاقتصادي. وما صدر عن وزارة المالية مؤخرا من كتاب مرسل إلى مجلس الوزراء، تطلب فيه وزارة المالية من المجلس بيان الرأي العودة إلى تعليمات رقم 1 لسنة 2007 وإلغاء العمل بقرار مجلس الوزراء المرقم 156 لسنة 2016 وكتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء رقم 1478 لسنة 2016 ، حيث إن القرار الأول والصادر عن مجلس الوزراء قرر إعفاء موظفي الدولة من الضرائب المفروضة على المخصصات، والقرار الثاني الصادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، قرر إخضاع الرواتب والأجور والمخصصات إلى ضريبة الاستقطاع، في حين إن قرار مجلس الوزراء رقم 1 لسنة 2007 قد أشار إلى إخضاع جميع منتسبي دوائر الدولة إلى الضريبة بطريقة الاستقطاع المباشر. ووزارة المالية تطلب من مجلس الوزراء تفعيل القرار رقم 1، بغية تعظيم إيرادات الدولة.. الغريب إن وزارة المالية وبعد موجة الجدل التي أثارها القرار، بينت أنها كانت تهدف من قرارها تطبيق أحكام المادة 34 ف ج من قانون الموازنة، التي تنص على إلغاء جميع الاعفاءات والاستثناءات الجمركية والضريبية الممنوحة بقرار من مجلس الوزراء ما لم تنص عليه القوانين النافذة!.
وقد بينت اللجنة المالية أن النص الذي استندت اليه وزارة المالية لا علاقة له إطلاقا بمسألة فرض ضريبة على رواتب الموظفين، خصوصا وأن مجلس الوزراء ومن خلال مسودة قانون الموازنة التي تم ارسلها من قبله إلى مجلس النواب، كانت تنص على وجود استقطاعات على رواتب الموظفين، لكن مجلس النواب، ألغى تلك الاستقطاعات. بالتالي فإن مسألة وجود نص في قانون الموازنة للعام الحالي تبيح استقطاع جزء من رواتب الموظفين أمر لا سند له من القانون، كما إن المادة 34 ف ج واضحة جدا، ولا تقبل أي تأويل، في أنها لا علاقة لها بالاستقطاعات أبدا.
وإن وزارة المالية تريد من مجلس الوزراء إعادة العمل بقرار المجلس المرقم 1 لسنة 2007 الذي تم إلغاؤه من قبل المجلس نفسه. كما إن الوزارة المذكورة لم تبين الأسباب الموجبة الحقيقية لطلبها، عدا أنها تريد تعظيم إيرادات الدولة، وهو أمر يدعو إلى الغرابة، حيث بالإمكان اللجوء إلى خيارات كثيرة يمكن من خلالها تعظيم إيرادات الدولة وتحريك عجلة الاقتصاد عبر تفعيل الاستثمار وتأهيل المصانع غيرها
الكثير.