محنة البلاد والاستثمار!

آراء 2021/04/26
...

 حسين رشيد
 
ثمة صمت مطبق بشأن موضوعة اعادة الروح للمشاريع الوطنية التي يمتلكها القطاع العام والتي كلفت مليارات الدولارات من ميزانية العراق وهذا الصمت كلف الكثير الكثير من المال الإضافي، وإذا ارادوا الحديث عن هذه المشاريع فإنهم يتحدثون عن كيفية ابتلاعها بما يسمونه استثمارا، والذي لايبتعد كثيرا عن محاولات طمس معالم الانتاج الوطني والصناعة الوطنية التي تعد إحدى سمات وحدة البلاد.
إعادة تنشيط الاقتصاد العراقي تتوقف على اتخاذ موقف عقلاني يأخذ بنظر الاعتبار أن رؤوس الأموال الضرورية للقيام باستثمارات كبيرة وستراتيجية تتوفر فقط في القطاع العام أي أن الدولة هي الوحيدة التي تمتلك رؤوس الأموال الكافية للقيام باستثمارات بمليارات الدولارات، وهذا يقتضي ان يبدأ التنشيط الاقتصادي من قطاع الدولة او القطاع العام عبر إعادة الحياة للمشاريع المتوقفة الضخمة والستراتيجية، لا أن يجري تعريضها للسرقات والاهمال والتقادم، في ما يجري صرف مليارات الدولارات على مشاريع غير ذات جدوى اقتصادية كبيرة وبعض منها وهمي والآخر متلكئ وبعضها تضمن سرقات قام بها المقاولون قبل ان يتركوا تلك المشاريع للعبث.
قد يتبادر لذهن البعض ان هناك رفضا للاستثمار الخاص.. ربما، لكن بعد ما اعلنتها الحكومة، نعم بات موقف الرفض للاستثمار على الشاكلة التي كان عليه قبل الاجراءات الاخيرة للحكومة ومراجعة مشاريع الاستثمار التي نسبة انجازها ما بين (0-35%) والتي بلغت 1128 مشروعا، اذ سيتم عبر الغاء اجازاتها، استعادة ما يقرب من 400 الف دونم من الاراضي ونحو 90 تريلون دينار ما يعادل ميزانية البلاد السنوية، هذا فضلا عن عدد المشاريع الاستثمارية الوهمية او تلك التي وصلت الى مراحل انجاز متوسطة وتوقف العمل بها، لصالح جهات متنفذة. أربع سنين ونصف السنة من عمر ثورة 14 تموز قدمت أنموذجا غريبا في بناء المشاريع الصناعية والعناية بكل جوانب الاقتصاد من زراعة وسدود وتجارة وطرق وموانئ، فضلا عن العناية بالخدمات الصحية والسكن والكهرباء والماء وبشكل خاص التعليم، وقد كان الطابع العام لاقتصاد تلك الفترة هو العناية بالقطاعين العام والخاص وقد كانت الريادة للعام بسبب قدرته التي كانت توفرها عائدات النفط للدولة، ولكن القطاع الخاص نال قسطه الذي يستحقه من الرعاية ايضا. 
أما تجربة ما بعد "التحرير" فقد يحار المرء، حتى لو كان متعاطفا، كيف يمكنه تبرير نتائجها التي اقتصرت على خلق مجموعة تزداد يوميا من الأثرياء الذين بدؤوا مفلسين وانتهوا الى ثراء فاحش، والغريب أنهم لم يقدموا بالمقابل أي شيء يمكن وضعه في خانة الجهد الانساني إلا إذا اعتبرنا نشر الفساد وترويج بيع الذمم وممارسة السرقة جهدا إنسانيا.
 وتحتشد بالجانب الآخر علامات الانهيار التام للاقتصاد العراقي من بطالة وأزمات تطال تقريبا كل جوانب الحياة اليومية للناس وارتفاع لا مثيل له لكل مستلزمات الحياة بسبب عجز الدولة عن المساهمة في توفيرها وعجز القضاء عن كبح جماح جنون الاستغلال الذي يمارسه فرسان الاستثمار الخاص واقتصاد السوق.