الأنسنة في المسرح وبحوث أخرى

ثقافة 2021/04/28
...

  زهير الجبوري 
ما طرح في كتاب (الأنسنة في المسرح وبحوث أخرى/ 2021) للفنان ثائر هادي جبارة، يعد انتقالة مهمة في تلقي الموضوعات الإبداعية الفنية في بعض التفرعات العلمية التي يحتاجها الدرس الأكاديمي، أو التي يحتاجها الباحث في تاريخ المسرح بشكل عام، ومن خلال متابعتي لما يقرب من العقدين لتجربة الفنان (جبارة) وكيف قدم منجزا مسرحيا لفت أنظار الجميع في تقديم العروض بوصفه ممثلا، أو في مجال كتابة النص المسرحي وإخراجه. 
هو الآن يقدم لنا جهداًعلمياً تكرس في ثلاثة فصول، فكان الفصل الأول (الأنسنة في نصوص مسرح الأطفال والكبار) والذي تكرس في (5) مباحث مع تحليل لمسرحية (الجزاء) للفنان غالب العميدي ومسرحية (قسوة) للفنان محمد حسين حبيب، واخذت من المبحث الخامس، ومن خلال الجهد الدقيق الذي قرأناه فقد كانت الكتابة في هذا الموضوع شديدة الحساسية والحذر، بمعنى ان الفنان ثائر هادي جبارة يقربك الى دقة المعلومة في الدرجة الأساس خوفا من تناقض سياق المصادر المأخوذة، وهذا قد يضع هوة غير مباشرة في قراءة ما طرح في البحث الى ما يسمى الوظيفة الجسدية والرؤية الجمالية الخاصة بها الوظيفة الأنثروبولوجية، بخاصة عندما نلمس في احد المباحث انه تناول أنسنة الحيوان والنبات والجماد، ثم الرسوم المتحركة والسينما، ولعلني أجزم أنه قادر على اضافة الكثير في هذا الجانب..
في الفصل الثاني قرأنا (أبعاد الشخصية الشريرة في المسرح)، وقد أبانت كيفية تراصف المعلومة بدقة طرحها، فكان المبحثان (ابعاد الشخصية الشريرة في نصوص المسرح) و(الشخصية الشريرة في المسرح)، ناقشا العوامل الطبيعية والاجتماعية والنفسية، مرورا بالشخصية الشريرة في الديانات، ثم أنواعها، وبعدها (الشخصية الشريرة في المسرح)، ومع أخذ النماذج التحليلية لمسرحية (حكمة الشارع) للفنان علي حسون المهنا وإخراج الفنان محمد المرعب، وكذلك مسرحية "الخوف" للفنان حميد راضي وإخراج الفنان ميثم طاهر، وددت لو كانت هناك وقفة لمكملات العرض المسرحي من حيث السينوغرافيا والصوت والمؤثرات الضوئية وقراءة اجواء المسرح، لأنها باختصار تشكل وحدة متكاملة في دلالة كل عرض، كما يشكل علامة مهمة وفارقة لدى المتلقي في منظور المشاهدة..
في الفصل الثالث قرأنا (توظيف الرموز التراثية في المسرح)، وخصص لـ (5) مباحث أخذ على عاتقه المراحل التي مرّ بها المسرح عند الأمم وفي الحضارات الإسلامية والعربية والأغريقية، وتضمن الفصل تحليل مسرحيات، أولها مسرحية (حكيم الزمان) لعلي حسين، وثانيها مسرحية (كن من تكن فإنك من تراب) لثائر هادي جبارة، وثالثها مسرحية (الكنز) لعبد المحسن عبد الزهرة، تناولخلالها الباحث الابعاد الرئيسة للشخوص الرئيسة والثانوية متمثلة بالبعد الاجتماعي لها عن طريق رسم جداول..
في كتاب (الأنسنة في المسرح .. وبحوث أخرى)، أجدني أمام مسؤولية حذرة في قراءته لأنه يحمل دقائق علمية أحسبها طرحت بدراية وخبرة وعمق معرفي، ربما يكون هذا المنجز واحدا من الأهم المصادر التي يبحث عنها المختص، ولا ضير في ذلك إذ كان ثائر هادي جبارة يتحرى المعلومة ويقدمها بالشكل الذي اطلعنا عليه، وهو يضاف الى رصيده الفني بعد نشر العديد من المسرحيات في الصحف والمجلات، واصدار الكتب المسرحية في المرحلة الراهنة، ولأنها جهود فردية في رفد المعلومة الفنية، تمنيت لو أن المؤسسة ذاتها تعمل على ورشة في طرح النتاجات الابداعية وفحصها ثم طرحها في الساحة خدمة للصالح العام.