تغيير القوانين وتأهيل المتعاطين

آراء 2021/05/01
...

 بشير خزعل 
 مشكلة انتشار المخدرات في العراق وصلت إلى حدود قياسية في نسب التعاطي بين الشباب وفئات اخرى، الامر الذي سيدخل البلاد في معضلة كبيرة وتداعيات اجتماعية خطيرة بدأت بوادرها تنتشر في اوساط المجتمع العراقي وفي ملفات القضاء وبمختلف انواع الجرائم والاعتداءات
 
وحتما ان آفة المخدرات ستصيب اكبر نسبة من فئات المراهقين والشباب وحتى الرجال، اذ يتم تداولها في بعض مقاهي (النركيلة) وسيتوسع مدى انتشارها بفعل اتساع دائرة القائمين على تجارتها، استمرار انتشار هذه السموم سيؤدي الى خلق جيل ضائع نهايته السجون او المصحات العلاجية وفي كلتا الحالتين سيضاف عبءا اخر على كاهل المجتمع العراقي اولا وعلى الدولة ثانيا،  وعلى الرغم من إعطاء القانون المحاكم حق إلغاء العقوبة والاستعاضة عنها بالإيداع في مصحات علاجية، فإن مفوضية حقوق الإنسان أفادت بأن عدداً من المتعاطين يتخوفون من تسليم أنفسهم نتيجة ضرورة مرورهم بالإجراءات القانونية، فعقوبة الإتجار بالمواد المخدرة في القانون العراقي تصل إلى حدود الاعدام، أما الشخص المتعاطي  فتصل العقوبة إلى السجن لمدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات، وغرامة مالية لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين. وللمحكمة بدلاً من فرض العقوبة المنصوص عليها في القانون أن تودع من يثبت إدمانه في المؤسسات العلاجية أو مراجعة عيادات نفسية واجتماعية. ولان علاج المتعاطين لا يمكن أن يتم إلا من خلال مرورهم بالجهات الأمنية فالتعامل مع متعاطي المخدرات بوصفهم مجرمين وليسوا ضحايا، يمثل أحد أكبر العوائق في عدم مراجعة مصحات التأهيل خوفاً من العقوبة القانونية، أعداد الموقوفين والمحكومين في قضايا تجارة المخدرات وتعاطيها لعام 2018 بلغت 9328 شخصاً، أما عام 2019 فقد سجل 6407 قضايا. 
في حين بلغ عددهم منذ بداية العام الحالي 2020 لغاية الأول من شهر (أيلول) الماضي 4594 ما عدا إقليم كردستان، وهذه النسب باتت مقلقة بشكل متزايد، مع تجاوزها حدود 40 في المئة بين بعض الفئات العمرية من الشباب، فالفئة العمرية التي تتعاطى المخدرات هي بين 15 و35 سنة، إلا أن النسبة الأكبر في مراكز علاج الإدمان تنحصر بين عمر 17 - 25 سنة وتؤشر هذه الارقام مدى خطورة ماتؤول اليه مشكلة انتشار المخدرات والتهديدات الخطيرة التي تواجه المجتمع العراق مع جهود رسمية ربما لاتنتاسب وحجم المشكلة او محاولة تفكيكها، برغم المحاولات التي تقوم بها المؤسسات الامنية من خلال محاولة تغيير بعض القوانين التي يمكن ان تساعد في اعادة تاهيل المتعاطين، بعض التقارير تشير الى وجود مقترح لدراسة في وزارة الداخلية تناقش امر المتعاطين وتحويلهم من متهمين إلى ضحايا، وإحالتهم إلى مصحات علاجية، وهذا الامر حتما سيسهل على الكثيرين من اللجوء الى المصحات العلاجية وعدم الولوغ في مستنقع المخدرات الى الابد ، وهي بادرة جيدة نوعا ما، لكن يجب ان يكون هذا المقترح مشروطا بعدم  الالتفاف على القانون حتى لا يتحول التاجر الى متعاط للافلات من
 العقوبة.