التعبير بين التقييد والإباحة

آراء 2021/05/01
...

 حسين المولى
لا يخفى على الجميع أن الحق بالتعبير من الحقوق التي كفلتها الاتفاقيات الدولية وكذلك الدساتير، وفي هذا الخصوص ما نص عليه الدستور العراقي لعام 2005 في مادته 38 بنصها صراحة «تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب: اولا: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل».
 
 من خلال ذلك نجد ان الدستور العراقي النافذ قد كفل للاشخاص هذه الحرية، في ضوء ذلك يتبادر للذهن هل هذا النص وهذه الحرية مطلقة ولا يحدها إطار؟.
للإجابة عن هذا السؤال لا بُدَّ في البداية ايضاح مفهوم الحرية، في بادئ الامر ان الفلاسفة والمفكرين قد أدلوا بالكثير من تعريفات لهذا المفهوم كُلٌّ حسب مكانه وزمانه، فمن التعريفات للحرية فإنها تعني مقدرة الانسان في التصرف بإرادة واختيار، وقد نصت وثيقة حقوق الانسان لعام 1791 على ان «الحرية تقوم في استطاعة الانسان ان يفعل كُلّ ما لا يضر بالآخرين»، ومن تصفح الاحكام القضائية في هذا المجال نجد ان الحرية لم ولن تكون مطلقة. وفي هذا المقام نشير إلى احدث النصوص الجنائية التي عُدلت في التشريع الكويتي إذ وافق مجلس الأمة الكويتي في تعديل بعض احكام القانون رقم 17 لسنة 1960 بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، إذ ألغيت عقوبة الحبس الاحتياطي على من يمارس حقه في التعبير عن رأيه، ونشر بالجريدة الرسمية هذا التعديل الخاص بقانون الاجراءات بمنع حبس المتهمين في قضايا الرأي احتياطيًا على ذمة التحقيق من قبل النيابة العامة أو الإدارة العامة للتحقيقات، وهي قضايا السب والاساءة التي تنشر في الصحف والفضائيات والاذاعات والحسابات الإلكترونية المختلفة. كما يمكننا الإشارة إلى ما ذهبت اليه محكمة النقض المصرية في احد احكامها في مجال تحديد النقد المباح فقالت إن «النقد المباح هو مجرد إبداء الرأي في أمر أو عمل من دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته، مناطه أن يكون في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحقوق العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم أو انتهاك محارم القانون»، فهذا يعني ان الحرية في التعبير عن الرأي لا تكون مباحة إن مست أو أسيئ استعمالها وخرجت عن حدود النص القانوني والمنطق العقلي، فلا يمكن ان تعد الاساءة أو التهجم أو السب والقذف حرية تعبير عن الرأي، فمن غير القانوني والمنطقي ان يباح السب والقذف في هذا المجال، فالحرية هي امكانية الفرد في التعبير عن رأيه أو افكاره بما لا يخالف القوانين والاخلاق وعدم التعدي، وفهم ان التعبير عن الرأي هو حق دستوري وقانوني ان لم يدخل الاعتداء في إطاره.