حسين رشيد
في الاول من ايار من كل عام نحتفل باليوم العالمي للعمال، عيد التضامن الأممي، والنضال من أجل عالم خالٍ من الاستغلال، والتمييز، والقمع، والاضطهاد ضد ابناء الطبقة العاملة. وإستذكارا لنضالات وتضحيات العمال العراقيين، ولتعزيز التضامن مع العمال في ارجاء المعمورة، دفاعاً عن حقوقهم في العمل، والأجور المستحقة، والضمانات الاجتماعية والحياة الكريمة، لكننا كما في الاعوام التي خلت، نحتفل دون هدير آلات المعامل، ودون مسيرات عمالية كبيرة، ودون صناعة وطنية ترفد السوق المحلية بشتى البضائع والسلع، ودون اي حراك برلماني او حكومي لتشريع قوانين تعيد الروح للصناعات الوطنية، وتحفظ كرامة العمال والكادحين وتضمن حقوق عمال القطاع الخاص في الضمان الاجتماعي والصحي.
تدعي الحكومة مرارا ان «شركات التمويل الذاتي» شركات خاسرة، وهذا ما يوجع القلب لمرارته، اذ تتجاهل الحكومة والحكومات السابقة، اسباب الخسارة التي صنعها اهمالها المتعمد للصناعة الوطنية وليس بفعل العمال. متناسيةً في الوقت ذاته ماضي هذه الشركات، حين كانت منتجة ورابحة، وترفد ميزانية الدولة بأرباح كبيرة، ومساهمتها في خلق اقتصاد وطني موحّد، ما كان يسهم في ترسيخ اللحمة الوطنية والتعايش السلمي.
مارس سياسيّو العراق الجديد انتهاكا واضحا وصارخا، بحق الشعب عامة وعلى الأخص كادحيه من عمال وفلاحين ومن شغيلة اليد والفكر عندما فشلوا (أو أهملوا) في توفير الأمن والخدمات، اللذين يعدان من اساسيات العمل والانتاج، مكملين بذلك ما بدأه نظام البعث الذي استشعر خطر العمال وتنظيمهم النقابي، لذا اتفقوا على ابقاء الامر على ما هو عليه والاكتفاء بالوعود والعهود، التي لا ترى النور أبدا رغم كل خلافاتهم المعلنة والسرية، لكنهم يتفقون على تعطيل الطبقة العمالية، وكبح تطلعاتها في عراق ديمقراطي يضمن لهم حق العمل والانتاج والعيش الكريم، لا الجلوس في البيوت وانتظار المنحة الشهرية التي باتت منة حكومية.
تلحّ الازمة الاقتصادية والمالية، التي تعصف بالبلاد منذ سنين، بسبب التخبط الاقتصادي والاعتماد المباشر على واردات النفط، على اهمية اعتماد معالجات وتوجهات مغايرة، تاخذ بنظر الاعتبار الصراع العالمي حول الانتاج النفطي، وانهيار الاسعار بين اوانة واخرى، والمحاولات العالمية الرامية الى ايجاد بدائل عن النفط بما يسمى الطاقة النظيفة او البديلة، الغاية من هذه المعالجات التي يفترض ان تكون سريعة ومدروسة تنويع الاقتصاد، وتنمية القطاعات الإنتاجية، وحماية المنتج الوطني وإعادة الحياة إلى الشركات المملوكة للدولة، والمعطلة حاليا لشتى الاسباب والمسببات، مع انشاء الصناديق السيادية التي يمكن ان يستفاد منها اوقات الازمات الاقتصادية. كما يُتطلب مراجعة سياسة الركض وراء سراب السوق المفتوحة والليبرالية الجديدة، التي تحولت الى اثقال على العديد من الدول التي اختارتها، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتعظيم موارد الدولة من القطاعات الانتاجية الصناعة والزراعة لاجل المحافظة على العملة الصعبة، والحد من الفساد في المنافذ الحدودية الذي بات منفذا واسعا للاثراء غير الشرعي.