الـعـِبـرة .. والاعـتـبار!

الرياضة 2021/05/04
...

علي رياح  
في اليوم الذي سبق المواجهة النهائية لنسخة عام 2017 من كأس الاتحاد الآسيوي بين القوة الجوية واستقلال دوشنبه ، زرتُ معقل النادي الطاجيكي الذي كان يمثل واجهة صاعدة لبلاده في المدار الآسيوي ، إذ لم يكن عمره وقتها قد تجاوز العشر سنوات ، لكنني كنت مدفوعا بالفضول وحب المعرفة لأن اطلع على التجربة الكروية الطاجيكية من بوابة بطل الدوري!  .
قابلتني الإدارة بالترحاب وحدثني ديمتري فارنيغوف عضو مجلس الإدارة عن طموح يتعدى الوصول إلى المباراة النهائية لمسابقة (الظل) وكان يعني بها كأس الاتحاد الآسيوي ، وقال : إن الستراتيجية الثابتة للنادي تقوم على أساس لعب دور مهم في دوري أبطال آسيا ، مع الاعتراف بأن الحديث عن (لقب) على هذا الصعيد لن يكون متاحا في السنوات القريبة المقبلة!  .
وجدت في كلام المسؤول الطاجيكي طموحا كبيرا لا يخرج عن إطار الواقعية الشديدة .. كان يحدثني عن توجه الدولة الرسمي نحو دعم الأندية العشرة المشاركة في الدوري العام ، لكنها – أي الدولة – لن يطول صبرها وهي توشك أن ترفع يدها تماما عن هذه الأندية في ما يتصل بالدعم المادي وذلك في مواكبة لما يجري في العالم!  
أجريتْ المباراة النهائية لكاس الاتحاد الآسيوي وفاز فريقنا القوة الجوية بهدف وحيد أحرزه عماد محسن ونال اللقب القاري وهو يلعب وسط جمهور مجنون ، وعدنا بالكاس في رحلتنا الشهيرة التي كان يتربّص بها الموت على ارتفاع ثمانية عشر ألف قدم في طائرة عسكرية كانت تعبر الأراضي الكازاخستانية والأفغانية والإيرانية وصولا إلى بغداد!  
عدنا بالكأس الذي صار علامة فارقة لمشاركات القوة الجوية ، لكننا لم ندرك لا في ذلك الوقت ولا في السنوات التي تلت ، أن العالم من حولنا يتطور ويتقدم ويواكب ، بينما نحن نرتدي لبوس التمسك بالثوب الحكومي الصرف ، وأنا هنا اتحدث عن سائر الأندية العراقية وخصوصا من نسميها الأندية الكبيرة التي فشل ثلاثة منها (الزوراء – القوة الجوية – الشرطة) في تحقيق أي منجز ولو ضئيل في مشاركتنا الأخيرة التي كانت عرجاء عجفاء في كل المقاييس!  
استقلال دوشنبه الذي لا يزيد عمره الآن عن أربع عشرة سنة يجتاز في دوري الأبطال دور المجموعات متفوقا على الهلال السعودي وشباب الأهلي الإماراتي وأجمك الأوزبكي ، وذلك في نتاج لتجربة مختلفة فتح فيها أبواب العمل الاحترافي الذي استقطب فيه رجال المال والأعمال وودّع إلى غير رجعة دفاتر الدعم الحكومي ، ولهذا كان في وسعه أن ينال أفضل أجواء الإعداد وأن يتزود بما يلزم من لاعبين ، فحصد الصدارة في مجموعته بعشر نقاط وهو ضعف رصيد ما جمعه القوة الجوية والشرطة من اثنتي عشرة مباراة خلال الدور نفسه!  
لن يكون في وسعنا التفكير – مجرد التفكير – في مواكبة ما يجري حتى على الصعيد الآسيوي ، ما لم نتخلص من هيمنة إدارات مزمنة على مقدرات العمل الرياضي ، وما لم تفتح الأندية أبوابها مشرعة أمام العمل الاحترافي المحسوب ، وما لم تؤمن بأن المال الحكومي الذي يصيبه المد والجزر دوما ، يحقق المنافع لفئات إدارية محدودة ، لكنه لن يخرجنا من كل هذ التردي الذي نعيشه!