النقد الأكاديمي

ثقافة 2021/05/04
...

د. أحمد الزبيدي 
 
على الرغم من أن مصطلح (النقد الأكاديمي) قد شاع في الدراسات النقدية الحديثة مع تشكل المدارس النقدية في الأوساط الأكاديمية الغربية؛ ولكن يمكن القول إنه تشكل في النقد العراقي الحديث مع تشكل التيارات الايديولوجية والتسويغات الأكاديمية، خاصة مع ما كتبه الناقد الكبير فاضل ثامر في كتابه الثمانيني: مدارات نقدية وهو يتحدث عن رسالة يوسف الصائغ عن الشعر الحر في العراق.. وإن كانت هناك مقالات نقدية تصدرت المصطلح في مجلات عراقية ثقافية وأدبية كمجلة الفكر العربي، التي نشرت عن هذا المصطلح أواخر الستينيات، ولكن التفتت الأنظار النقدية العراقية لمصطلح الناقد أو النقد الأكاديمي مع دخول الاشتغال الأكاديمي في العملية النقدية عبر رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه. 
ولعل ما يتسم به ذلك النقد هو اقترانه بالسلطة سواء أ كان الاقتران بوعي أم من دون وعي؛ إذ كان الاشتغال الأكاديمي كأنه اشتغال وظيفي يتسق مع الأفكار المهيمنة وضمن اشتراطات السلطة، حتى لو تمرد الطالب أو المطلوب عن تلك التقاليد السلطوية، فهناك (الخبير العلمي) الذي يؤمّن للسلطة من النقد ما يريحها .. ولعل من القراء من يتذكر أن اطروحة أكاديمية لنيل شهادة الدكتوراه كانت عن (أدونيس) وقدمها طالبها في نهايات القرن العشرين ونهايات الحكم البعثي 
وكيف رفضت الأطروحة لأنها ترويج (للشعوبية!) أو ضد (سياسة الدولة) ثم أعيدت مناقشتها ما بعد (الاحتلال) فقبلت الأطروحة نفسها بالطالب نفسه، بالعنوان نفسه، باللجنة المناقشة نفسها، وبدرجة امتياز!.. وهذا لا يعني أن النقد الأكاديمي عاجز عن الإنتاج المعرفي والثقافي الذي أسهم في تطور المناهج النقدية والإجرائية؛ بل على العكس فهناك الكثير من الرسائل والأطاريح التي أصبحت تاريخا للتحولات النقدية والمرجع الأساس في الدراسات النقدية كدير الملاك لمحسن أطيمش، وتطور الشعر العربي الحديث في العراق لعلي عباس علوان، 
وغيرها الكثير.. ولكن ما أعنيه أنه مع تشبث الايديولوجية السياسية في جسد الثقافة العراقية ومنها الاكاديمية فقد أصبح من الصعب الاعتماد على النقد الأكاديمي في أن يكون معيارا للتحولات النقدية أو التمرد الثقافي أو المشاكسة المعرفية؛ بل من الصعب انتظار دراسة خالصة لوجه النقد والمعرفة من دون موافقة السلطة الحاكمة ورقيبها الخبير 
العلمي. 
ومن هنا كيف لنا أن نطمئن على الاحكام النقدية التي صدرت عبر مؤسسة تكتب بعينها اليسرى نقدًا وبعينها اليمنى ترتقب الرقيب؟