بغداد: نورا خالد
يستعدُّ الملحن ناصر الحربي لتقديم تجربة جديدة من نوعها في التلحين، إذ يضع حالياً اللمسات الأخيرة لتلحين أنشودة سومريَّة بعنوان “kalam-gu” والتي تعني بالسومرية “الوطن”، ليلقي بذلك الضوء على تلك الحقبة المهمة من خلال الفن والموسيقى.
جريدة الـ”صباح” التقت الحربي ليتحدث لنا عن تلك التجربة قائلاً: “خلال فترة غربتي في أوروبا شعرت أنَّ التاريخ السومري مظلومٌ نسبة الى الحضارات الأخرى رغم أنَّه من أقدمها، فأردت من موقعي كفنان أنْ أسلط الضوء على الحضارة السومريَّة من خلال الموسيقى والغناء لذلك تعاونت مع أساتذة التاريخ السومري وتعلمت منهم شيئاً من لغته وكتب لي علي بنيان قصيدة باللغة السومرية ولحنتها معتمداً على الموروث السومري”.
تجربة جديدة
وتابع “يعدُّ السومريون أول من دون النوتة الموسيقيَّة وما زالت الى الآن آثارهم الفنية واللغوية حاضرة.. فهناك الكثير من الكلمات الجنوبيَّة أصلها سومري لذلك اعتمدت باللحن على الغناء الجنوبي القديم لأنه امتدادٌ لتلك الحضارة وبنيته بأسلوب هارموني حديث”.
تعدُّ هذه التجربة جديدة على الصعيد المحلي والعربي وحتى العالمي، فلم يسبق لأي جهة قدمت الغناء السومري بلغته وموسيقاه رغم وجود تجارب بسيطة من جهات أوروبيَّة محددة لكنها لم تستطع الاقتراب كثيراً من اللحن السومري، إلا أنَّ الحربي من بيئة عراقية جنوبية ولهذا كان أقرب للواقع والموروث السومري.
وجد الحربي كما يقول: “صعوبة بتطويع اللحن الحديث مع تلك اللغة وخصوصاً بأني اتبعت المنهج الأوبرالي المتكون من أكثر من صوت وهنا تصبح لدي أكثر من مهمَّة صعبة بين النغم واللغة، فهي لغة مقطعيَّة لم نسمع بضغوطها من قبل وتكاد تكون لغة محصورة في الجامعات والجهات التاريخيَّة، إلا أنني مصرٌ على إحياء التراث وتاريخ 7 آلاف سنة، فالحديث دائماً يكون عن الاكتشافات وعن الكتابة والتفاصيل العلمية لكننا غالباً ما ننسى الجوانب الفنيَّة، فالسومريون هم أول من اخترع الآلة الموسيقيَّة وفرق الإنشاد”.
وأضاف “أعكف الآن على تحفيظ الانشودة للفرقة التي أترأسها والتي تحمل اسم (القيثارة السومرية) لتقديمها قريباً بعد انتهاء الظروف
الصحية التي تجتاح العالم”.
أبدت عدة جهات سويدية ودنماركية رغبتها بالتعاون مع الحربي خاصة بعد معرفتها بهذه التجربة التي تمثل العراق وتاريخه، إلا أنَّ ملحن الانشودة يفضل أنْ يقدمها في البدء مع الفرقة السيمفونية العراقيَّة، داعياً الجهات الثقافية الى تبني هذه التجربة الفريدة على حد قوله.
القيثارة السومرية
اختار الحربي اسم “القيثارة السومرية” للفرقة التي أسسها في الدنمارك لأنها تمثل كما يشير “أول آلة موسيقية صنعت في التاريخ”.
عدد أفراد الفرقة المقتصرة على النساء، 8 عضوات يرتدين زي الملكة شبعاد من فستان وتاج يحمل ثلاث نجمات، يؤدين الأغاني الفولكلوريَّة الجنوبيَّة للفنانين داخل حسن وحضيري ابو عزيز، والأغاني السبعينيَّة المتمثلة بألحان طالب القره غولي ومحمد نوشي ومحمد جواد اموري وكوكب حمزة.
الهدف من تأسيس الفرقة كما يبين الحربي “هو لجمع الجالية العراقية والعربية والتعريف بالأغنية الفولكلورية والحديثة على حد سواء، أبحث عن الجمهور النخبوي لذلك أغلب حفلاتنا تكون على شكل أمسيات ثقافية وغالبا ما يكون الحضور من جنسيات مختلفة”.
وأشار “اختطت الفرقة أسلوباً جديداً، فهي تغني كل ما تجده جميلاً لحناً وكلماتٍ بغض النظر عن هوية الأغنية أو فترتها الزمنية”، مستدركاً “الحصة الاكبر للفلولكلور وتقديمه بأسلوب جديد مع الحفاظ على جوهره”.
ناصر الحربي ملحن بدأ في تسعينيات القرن الماضي وما زال الى الآن يقدم الألحان للاصوات العراقية والعربية، لحن للعديد من نجوم الغناء منهم على سبيل المثال سعدون جابر وعبد فلك وهيثم يوسف وصلاح البحر وحاتم العراقي وماجد المهندس وعلاء سعد وغيرهم الكثير، وما زال مستمراً بعطائه
الفني.