ثرثرة فوق سد النهضة

آراء 2021/05/06
...

  كاظم الحسن                                                                                          
 
المفاوضات المتعثرة بين الاطراف الثلاثية المتشاطئة، على نهر النيل وهي مصر السودان واثيوبيا، هي أقرب الى حوار الطرشان، ويبدو أن اثيوبيا تحاول كسب الوقت لحين الملء الثاني لسد النهضة في شهري تموز وآب، ولا تقبل بأي مفاوضات خارج اطار الاتحاد الافريقي، في حين تريد مصر والسودان بتوسيع الوساطة لتشمل الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والولايات المتحدة الاميركية، فضلا عن الاتحاد الافريقي وهذا ما رفضته اثيوبيا بعد محادثات استمرت 9 سنوات من دون جدوى، وكأنها ثرثرة فوق النيل.  
  
وكان آخر لقاء بين الاطراف الثلاثة في عاصمة الكونغو كنشاسا التي تترأس الاتحاد الافريقي من دون أن يسفر عن شيء. فيما تحاول السودان ومصر استخدام اوراق ضغط منها وقف الشركة التي تقوم بالبناء او وقف التمويل الخاص بالسد وهو بند في مواثيق الامم المتحدة التي تعطل البناء اذا كانت هناك خلافات على مشروع معين، وهذه أوراق لم تلعب بعد، في حين أن موعد الملء الثاني وشيك وقريب جدا لا يتجاوز الشهرين، 
وهو يتزامن مع موعد الانتخابات الاثيوبية، التي يحاول ان يظهر رئيس وزرائها أبي أحمد كبطل قومي من خلال انجاز بناء السد في عهده. لكن من هو الطرف المتعنت الذي لايحاول تقديم تنازلات متبادلة ترضي الدول الثلاث، لنرجع الى الاتفاقيات القديمة وهي في العام 1902 التي حددت الحصص المائية بين الدول المتشاطئة الا ان اثيوبيا تقول إن ذلك قد حدث في الحقبة الاستعمارية ولايجوز القبول به، وهذا الكلام مردود على قائله، لان الحدود بين الدول الافريقية قد 
رسمت في فترة الاستعمار، والاكثر من ذلك ان المكان العائد الى اثيوبيا الذي اقامت عليه السد كان تابعا للسودان وعلى منوال اثيوبيا نفسه، يمكن أن تلغي السودان الاتفاقية في عهد الاستعمار التي منحت هذه 
الارض لاثيوبيا، وهذه الورقة يمكن ان تستخدمها السودان في حالة تعنت اثيوبيا، وهذا ماصرحت به السودان. يبدو أن اثيوبيا تلعب بالنار وهي تقوم باجراءت أحادية من دون أن تقدر أخطار الأمن المائي على الدول التي تشاركها في نهر النيل، فهي تعرضها الى 
الفقر المائي وهو أمر شديد الخطورة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الثروة المائية لاتقدر بثمن بل ان حضارة مصر قامت على نهر 
النيل، ولا تذكر مصر إلا واقترن اسمها بهذا النهر التاريخي العظيم، فليس من السهل التفريط بهذه الثروة، لذا اخذت التصريحات المصرية خطا تصعديا من الحدية واصبحت الخيارت جميعها على الطاولة، مايعني أن على اثيوبيا أن لاتدفع مصر الى 
زاوية حرجة.