علي كريم خضير
عندما كانت السلطة المنحلة تحتكر الدراسات القانونية لشرائح معينة من المجتمع العراقي، وتجعلها في انطقة ضيقة لا تتجاوز بعض الجامعات المعروفة، ما جعل الثقافة القانونية منحدرة في ذهنية المواطن العراقي، حتى المثقف منهم على وجه الخصوص. ولكن اليوم اختلف الحال، وصار الأغلب الأعم من مثقفي المجتمع العراقي من خريجي كليات القانون، وأصبحت لديهم رؤية شاملة عن الأنظمة السياسية وماهياتها، وطريقة تشكيل الحكومات، وواجبات، ومسؤوليات كل هيكل تنظيمي في الدولة. ومنها تشكيل مجلس النواب في الأنظمة البرلمانية. إذ حدد دوره في الجانبين التشريعي، والرقابي. ولنترك الآن الدور التشريعي الذي تسجل عليه كثير من الملاحظات، ومن أبرزها موازنة العام الحالي التي استغرقت المناقشات فيها وقتا ليس بالقصير، لتخرج إلى الوجود بعد مخاض
عسير. ونأتي إلى الدور الرقابي، وماقدمه مجلس النواب من نتائج ملموسة، ومهمة، لكثرة شكوى المواطن العراقي من نقص الخدمات، والإسراف من تبذير الأموال الممنوحة له من أجل الخدمة العامة على أيدي جماعة الحزب الفلاني، والفلاني.. وكل ذلك يحصل، من دون أن يحرك ساكنا. ونقول: إذا كان مجلس النواب العراقي غير قادر على كبح جماح هذه الإرادات المتجذرة في الفساد، فليتنحَ جانبا، وليقتصر دوره على المجال التشريعي حسب. ولتشكل هيأة للنزاهة بعد (حل الحالية)، تكون لها فروع في كل المحافظات العراقية، وإقليم كردستان، ترتبط في عملها بمجلس القضاء الأعلى، وبرئيس الجمهورية حصرا.
على أن يقوم مجلس القضاء الأعلى بتشكيلها، بالتعاون مع ديوان الرقابة المالية الاتحادي، ورعاية رئاسة الجمهورية، من دون التدخل في تفصيلات التشكيل، خوفا من القرار السياسي. وبذلك يمكننا الابتعاد عن المساجلات السياسية، والتلويح باسقاط عمل الحكومات بين فترة وأخرى. وكأن الحكومات لم تخرج من رحم مجلس النواب، أو أن مجلس النواب لاتوجد من ضمن تشكيلاته اللجان الخاصة بمتابعة عمل الحكومة، وتقويم عملها غير الصحيح. وإذا كان مجلس النواب يحتج بالدستور للمخالفة. فالدستور ليس قرآنا منزلا، لا يمكن تغييره، أو تخطيه من أجل مصلحة الشعب. إذا علمنا أن الدستور قد سن لحماية حقوق العراقيين أينما وجدوا. وأن روح القوانين، والتشريعات هي القاسم المشترك بين الجميع.