كليات الفنون.. بعيون أساتيذها

ثقافة 2021/05/08
...

  أ.د.باسم الأعسم
 
ضمن نشاطها الفني والثقافي في ظل جائحة كورنا، عقدت، ولم تزل كلية الفنون الجميلة في جامعة القادسية، العديد من المحاضرات المعرفية المتنوعة، ومنها: المشكلات التي تعاني منها كليات الفنون الجميلة وعلى الموقع الإلكتروني zoom، بمشاركة عمداء وأساتذة كليات الفنون في العراق والوطن العربي. ولقد أجمع المتحاورون على ضرورة أن يكون لكليات الفنون خصوصية في التعامل من قبل الدولة أو الوزارة على صعيد القبول والتعيين، والدعم المالي، لكي يتسنى لها ترجمة أهدافها العلمية والتربوية، إذ لم تزل تعاني بعض الكليات من معضلة القبول المركزي، فيتم قبول مئات الطلبة غير الموهوبين في الفنون كافة، فيبقون عالة على الكليات، وتشاع من جراء ذلك بعض الممارسات الضارة، كالغش وعدم الالتزام بالزي، والتلكؤ في حضور المحاضرات، مما ينعكس ذلك سلباً على مخرجات كليات الفنون، بوصفها كليات علمية ونوعية تعنى ببناء عقول وأذواق الأجيال، ذات المهارات الإبداعية الجميلة والمؤثرة في سوح العمل، انطلاقاً من الحقيقة التي مؤداها ان الفن رسالة إنسانية وتربوية، ومن أرقى ثمار الحضارة الإنسانية، والفنانين رسل السلام والمحبة والإبداع. ولذلك ضرورة دعم كليات الفنون بما يليق بها، وخاصة المستحدثة منها، نظراً لدورها العملي والمعرفي والإعلامي الكبير، فعلى صعيد قبول الطلبة، يكون من الأنسب قبول الطلبة على أساس مواهبهم وليس معدلاتهم، فالموهبة شيء والمعدل شيء آخر.
أما المناهج الدراسية، فلم تتغير لكي تتساير مع منطق العصر والحياة بمستجداتها المتغيرة، إذ ينبغي أن تتغير المناهج كل عقد من الزمان.
إن كليات الفنون الجميلة بما لها من الخصوصيات النوعية، يجعلها ذات علامات مائزة على صعيد الإبداع والتأثير الإيجابي بالآخر، فهي الأبرز من بين الكليات فنياً وجمالياً وإعلامياً بفضل ما تتمتع به من فرادة نوعية مختلفة، فكل ما فيها يخضع لمعايير الجمال، أساتذتها وطلابها وأبنيتها ومسارحها وقاعاتها ومناخاتها، حتى عدت قبلة للزائرين. لذلك، لا يليق بكليات الفنون التي تعنى بإشاعة الجمال والفن والتسامح والذوق، أن تهمل مرافقها، لأنها بؤرة فكرية ومعرفية وترويحية تشرح الصدور، وتسر الخواطر، ومن صلبها تخرجت أجيال من أساطين الفن ومشاهير الدراما والرسم والسينما وأساتذة الفن والجمال في مؤسسات التربية والتعليم العالي خاصة. على وفق تلك المعطيات يرى أساتذة الفنون الجميلة، ضرورة أن تولي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. خصوصية كليات الفنون الأهمية المرجوة لإكمال مستلزماتها اللوجستية الرئيسة، وتفعيل جودة البحث العلمي فيها، والأخذ بيد عمدائها وأساتذتها، لكي تتسامى نحو ذرى العلم والمعرفة والجمال، فتفعل مسارحها ومجلاتها ومعارضها الفنية. إن لكليات الفنون الجميلة صولات إبداعية مائزة على طول السنة الدراسية وعلى الأخص في يوم العلم، ذلك المهرجان السنوي الذي تقيمه الوزارة وكذلك في يوم المسرح العالمي وفي جائحة كورونا تفردت كلية الفنون الجميلة في جامعة القادسية بتقديم المحاضرات والندوات والمؤتمرات المتنوعة، حتى هذه اللحظة.
وطوال أيام السنة الدراسية تقدم المزيد من المعارض التشكيلية والأفلام السينمائية والعروض المسرحية، والمبادرات الفنية التي تعمق صلة الجامعة بالمجتمع وإن وجود كليات الفنون الجميلة في فضاء الجامعة العراقية يضفي عليها بهاءً وجمالاً وسحرا.
فضلاً عن ذلك، أن كليات الفنون الجميلة تضخ الى المؤسسات التعليمية، كالمدارس والمعاهد، العديد من أساتذة الفن، الذين يتولون تربية الأجيال، وتنمية مهاراتها وتطوير مواهبها، مما يؤكد للجميع، جدواها العلمي والتربوي، وضرورة وجودها بوصفها مؤسسات علمية وفنية تسهم في صناعة الجمال والأجيال المؤهلة للتنمية البشرية. وقدم الأستاذ الفنان ميمون الخالدي محاضرة قيمة، تم التركيز فيها على المشكلات التي اعترت الدرس المسرحي الأكاديمي، وشخص عبرها سبل تفاديها من خلال تفعيل الدرس العلمي وإقامة الورش وتغيير آلية القبول متحدثاً بمرارة الأستاذ الفنان المحب لدرسه وتخصصه وطلابه ووطنه.
ومن الجدير بالذكر، ان كلية الفنون الجميلة في جامعة القادسية قد تفردت عن مثيلاتها بإنشاء منصة zoom الإلكترونية فانفتحت على الأدباء وأساتذة الفن في العراق والعالم وقدمت ولم تزل أرقى المحاضرات العلمية المتنوعة. لقد تنوعت المحاضرات الفنية والجمالية بين الرسم والنحت والمسرح والتصوير والتصميم والنقد المسرحي في العراق والوطن العربي والعالم واستقطبت مشاهير الأدب والنقد والفن في محاضرات وندوات نوعية تكللت بمشاركة جمهور عريض من أساتيذ الفن والأدب والنقد، فعدت بحق نافذة ثقافية فارهة عززت أهمية الفنون المتنوعة وجدواها، ورسخت دور الفنان في إحداث الانقلاب النوعي في وعي الناس وإشاعة أجمل القيم الإنسانية وأنبلها على وفق وتائر بيانية تسهم في تحقيق التنمية البشرية وبناء الحضارة الإنسانية. وقبل أيام استضافت منصة كلية الفنون الشاعر والناقد الحالم علي حسن الفواز رئيس تحرير جريدة الصباح فألقى محاضرة قيمة تمحورت حول سؤال إشكالي مؤداه: هل هناك نقد أكاديمي؟!
وقد أثارت المحاضرة عاصفة من السؤالات المتعلقة بماهية الأكاديمية ومرجعيات الناقد وعلاقة المنهج بالمؤسسة الأكاديمية، ومن ثم استقلال الجامعة، وسوى ذلك من آراء ومداخلات نوعية أسهم فيها عدد من أساتيذ النقد والفن الذين أثروا المحاضرة بالجدل المثمر والحوارات المنتجة التي عززت أهمية المحاضرة وجدواها، وأكدت فاعلية المنصة الالكترونية في إشاعة الثقافة والمعرفة والفن وتبادل الخبرات والتثاقف الجميل.