متلازمة ستوكهولم

آراء 2021/05/08
...

 شمخي جبر
 
تقع الضحية أحيانا تحت هيمنة جلادها وتسلطه الى حد التماهي معه، واخطرها حين يصل الامر بالضحية الى حد التعاطف معه والدفاع عنه. ومصطلح (متلازمة ستوكهولم) يطلق على الحالة النفسية التي تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المخطوف مع 
المُختَطِف.
(متلازمة ستوكهولم) نسبة إلى حادثة حدثت في ستوكهولم في السويد، حيث سطت مجموعة من اللصوص على بنك كريديتبانكين Kreditbanken العام 1973، واتخذوا بعضاً من موظفي البنك رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفياً مع الجناة، وقاموا بالدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم.
يمكن رصد هذه الحالة في واقعنا السياسي والاجتماعي والثقافي احيانا حين نجد من يدافع عن النظام السابق متناسيا جرائمه وفظائعه، بل الانكى ان نجد ضحايا ذلك النظام هم بعض من تظهر عليهم اعراض هذا المرض النفسي 
الخبيث.
قد لا نلوم اتباع النظام وبقاياه او ممن استفاد من تلك الفترة، فكوّن ثروة او احتل مناصب مهمة، ولكن ماذا نقول لمن وقع عليه ظلمه فكان من 
ضحاياه؟.
وللطرافة فإن هناك متلازمة اخرى ولكنها ايجابية عكس (متلازمة ستوكهولم) هي (متلازمة ليما) والتي يعبر فيها الجلاد عن تعاطفه مع الضحية، تم تشخيصها بعد حادثة خطف حدثت في السفارة اليابانية في ليما عاصمة البيرو، في 1996 حيث قامت مجموعة تابعة لحركة عسكرية باحتجاز المئات من الرهائن، الذين كانوا يحضرون حفلة تقيمها السفارة اليابانية في مقر إقامة السفير. وخلال ساعات قليلة قام الخاطفون بإطلاق سراح معظم الرهائن ومن ضمنهم الشخصيات المهمة، بسبب التعاطف معهم، حتى قيل ان الخاطفين كانوا يلعبون كرة القدم مع الضحايا.
ولكن للأسف وقعنا تحت تأثير متلازمة ستوكهولم وافلت حكامنا من الوقوع تحت تأثير متلازمة ليما، لأن اخلاقهم وغطرستهم واجرامهم وثقافة العنف وتربيته التي تشبعوا بها تجعلهم بمنأى عن 
هذا.
نحن ابناء ثقافة الخضوع والاستتباع وموالاة المستبدين من الحكام ضحايا (متلازمة ستوكهولم) تحول الرمز المستبد الى (مودة)، فحيثما تبدلت (المودة) ظهرت الحاجة إلى غيرها؛ وكلما تهاوى رمز ظهرت الحاجة الى رمز جديد، وبهذا نكون قد دخلنا حلقة مفرغة لا نهاية لها من الاستبداد؛ لأننا مهووسون بإنتاج الأسطورة او الرمز؛ فنخلقها لنختفي خلفها؛ لمواجهة ضعفنا الداخلي؛ لأنها تمثل البديل لجانب الضعف والوهن في تجاربنا النفسية مما ترك لدينا تقبلا للاستبداد؛ بل قد يصل الحال بنا في بعض الأحيان إلى الإحساس بالحاجة 
إليه.