الطبقة العماليَّة والقرار 150

آراء 2021/05/09
...

 ريسان الخزعلي
 
من المعروف في تقسيم القوى العاملة في أي مرفق من مرافق العمل: الصناعي، الزراعي، التجاري، الخدمي، الخ.. يشغل العمال النسبة الأكبر من مجموع ملاك المنتسبين، إذ تصل هذه النسبة إلى 90 % من هذا المجموع مهما كان نمط الإنتاج، رأسمالياً أو اشتراكياً؛ وإنَّ النسبة المُكمّلة 10% يشغلها الموظفون من ذوي التحصيل 
الدراسي. 
إنَّ العمال هم القوّة الفاعلة والمؤثرة في العملية الإنتاجية ومكملاتها: التشغيل، الصيانة، الانتاج، التعبئة والتغليف، التخزين، النقل، التفريغ، التوزيع، التنظيف، الحراسة،...الخ.
أما الموظفون، وحسب التحصيل الدراسي والتخصص المهني، فتُناط بهم الأعمال والخدمات الساندة للعمال والعملية الانتاجية بصورة عامة، وهي: الهندسية، الفنية، الإدارية المالية، التجارية، التسويقية، الرقابية، التخطيط والمتابعة، الفحص الهندسي والسلامة، السيطرة النوعية، البرامج والمعلوماتية، البحث والتطوير، الجودة والآيزو، ادارة المشاريع، التصاميم، الطبابة، ادارة المخازن.. الخ.
ومثل هذا التقسيم ما هو إلا تقسيم قياسي مهني عالمي يعتمد الوصف الوظيفي الذي تُحدد بموجبه وفق معايير بيانية ورياضية، درجة الإنتاجية، وكلٌّ حسب عمله وما 
ينجزه. 
إنَّ هكذا تقسيم كان معمولاً به حتى عام 1987- العام الذي تم فيه تحويل العمال إلى موظفين بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل ذي الرقم 150 لسنة 1987.
وقد أثارَ ذلك القرار استغراب الكثير من الدول بما في ذلك {الاتحاد السوفيتي السابق} الذي طلبَ في حينه بعض الاستيضاحات من الحكومة العراقية بشأن كيفية التحويل والأسس المعتمدة.
بعد تطبيق القرار حصل نوع من الاهتزاز الطبقي بطريقة غير مألوفة، وتدريجيّاً تم الإنسلاخ الطبقي/ العمالي، وأصبح بريق الطبقة الوسطى الخادع يشغل مدركات وهواجس العمال المتحولين، وبخاصة المتعلمين والنقابيين منهم، ويغريهم بمغادرة قاعات الإنتاج صعوداً إلى مكاتب الإدارات الساندة والتنافس الشديد مع شاغليها.
وهكذا حصل النفور المهني من مواقع العمل الأساس.
ونتيجة لذلك، تدهورت أعمال الصيانة والتشغيل وتراجع الإنتاج والإنتاجية بصورة حادّة، وما يحصل اليوم، هو من ترسبات ذلك القرار.
إنَّ مراجعة دقيقة ودراسات معمّقة لمضمون ذلك القرار الغريب! أصبحت ضرورية، فمن غير الممكن أن تُلغى بطريقة غير مسبوقة طبقة انتاجية فاعلة في المجتمع، كل مجتمع. 
وإذا تعديل الملاكات الوظيفية الحالية والعودة بها إلى الأصل يواجه صعوبات ادارية وفنية ومالية، فمن السهل استحداث ملاكات عمالية يتم التعيين بموجبها من جديد في كل مرفق انتاجي أو خدمي مع الملاحظة إنَّ توصيف الدرجات العمالية يتضمنها الوصف الوظيفي العراقي النافذ..، وهكذ تتم استعادة الطبقة العمالية وتوصيفها العريق، فكراً ووعياً
 ودوراً...