سعد العبيدي
طبيعة العراق الجغرافية وتركيبته الاجتماعية وانتماءاته الدينية والمذهبية، وخصائص سكانه كونت توجهات للدول والمجتمعات الأخرى في التوجه صوبه وزادت الاطماع في الاستفادة من ثروته من دون افادته بالقدر الذي يخلق توازناً يحقق الامن والاستقرار، فتكونت بسبب هذه الأطماع والتوجهات معالم صراع بين تلك الدول على أرض العراق، الكل يريد تحقيق أكبر قدر من الاستفادة على حساب الآخرين، وكلهم يريدون إبقاء العراق ضعيفاً ليستمروا في صراع الاستفادة. وهذا أمر في الواقع لم يكن جديداً فالتاريخ يرجعنا الى أيام العثمانيين والصفويين الذين كانوا يتصارعون كباراً بسبب العراق وينقلون صراعاتهم الى داخله ويدفعون أهله الى الانقسام، حدود التقاتل بالإنابة لصالحهما. لكن الجديد تعقيدات التدخل وتطورات شكل الصراع، ففضلا عن الأتراك ورثة الإمبراطورية العثمانية والإيرانيين دخل الأميركان والانجليز طرفاً ودخل بعض العرب حتى صارت الساحة العراقية أقرب الى الملعب وصار العديد من الأبناء يقاتلون بالإنابة فأضحى الأمر أكثر تعقيداً.
في السياسة الكونية لا تستطيع دولة الحيلولة من دون تدخل الآخرين في شأنها ومنع استخدام أرضها ساحة حرب بالإنابة بمجرد الرفض المعلن والاحتجاج المكتوب. تستطيع فقط من خلال امتلاك القوة وحسن استخدامها ومن خلال جديتها في الوقوف على الحياد من دون الانحياز الى هذا الطرف أو ذاك، وكذلك من خلال الزام الأبناء، الابتعاد أفراداً وأحزاباً من أن يكونوا أدوات حرب بالإنابة، وهذا حسب الظن هو الأهم في الموضوع.
وبعكسه وبعد ما شاهدناه أخيراً من توسع لدخول الاتراك في الشمال العراقي كردستان من دون موافقة العراق سيكون من المحتمل توجه إيران الى الدخول بشكل أوسع، وسيكون من المحتمل أيضاً سعي الأميركان الى البقاء مدة أطول، وإذا ما حصل هذا سيبقى العراق يدور في فلك الصراعات الى أمد أطول، وسيكون هو الخاسر الوحيد.