مصير الدولة العراقية!

العراق 2021/05/10
...

إبراهيم العبادي
 
تسود مشاعر قلق كبيرة في اوساط عراقية متعلمة بانتظار موعد اجراء الانتخابات العامة في تشرين الاول المقبل.
بواعث القلق كبيرة وعديدة، في مقدمتها الاجواء السياسية الحاكمة في البلد، ومعطيات الحالة الامنية والاقتصادية مضافا اليها المزاج الشعبي المتوتر وظاهرة الاستقطابات والانقسامات الحادة التي يعاني منها المجتمع السياسي، ومايزيد القلق الموجود اضعافا مضاعفة، تقارير معاهد ومراكز الدراسات الدولية المهتمة بالشأن العراقي، وتوقعات كبار الخبراء والمحللين والدارسين كمعهد واشنطن، ومركز الدراسات الستراتيجية والدولية، يعتقدون ان خطوات التعافي من المشكلات الكبرى ابطأ بكثير من مفعول التحديات الكبرى التي تواجه العراق.
لا جديد في الموضوع سوى أن الامر مرتبط بالقالب (المعرفي) للاحزاب والقوى العراقية المتنافسة في الانتخابات، فالامر الحسن انه ما زالت لدينا امكانية تشكيل السلطات عبر التفاوض والصفقات التي تجري بعيد كل انتخابات، وان منطق (الغلبة) والتحاكم الى السلاح والقوة مازال تهديدا، ولم يتحول الى فعل سياسي يومي، بسبب وجود كوابح في حدها الادنى تمنع من استخدام (البلطجة) في الشوارع كما هي النتيجة المتوقعة من عقلية التنافس المستندة الى فكرة الحقيقة المطلقة. 
لكن المثير للقلق ان الانتخابات التي يراد منها اعادة توزيع السلطات وتركيبها من جديد كي تقوم بواجباتها السيادية، تغدو تحديا جديدا مع كل موسم انتخابي، فاذا كانت الدول الديمقراطية تذهب الى صناديق الاقتراع لاستفتاء اراء الناس بالاتجاهات السياسية التي تريدها  ان تحكم، لتكون عنوانا ومنهجا ورؤية لمزاولة الوظائف والمسؤوليات ومواجهة المشكلات، فإن الحسم الانتخابي عندنا غير وارد، بسبب غياب الوضوح والقناعات السياسية التي تحكم سلوك الناخب العراقي. اذ يعاني الفرد - المواطن من أزمة وعي تجعله مضطربا ومرتبكا ومترددا في توجيه صوته الى القوى والاحزاب التي تمثل مصالحه، فالناخب لايدري كيف يحل التنازع الداخلي بين اتجاهاته المذهبية وذاكرته التاريخية ومظلومياته وعقده السياسية و مصالحه الآنية وضرورياته الحياتية، فهو لا ينتخب حزبا لديه خطة اصلاح اقتصادي، أو رؤية لمواجهة الفشل والاخفاق العام الذي تعاني منه اجهزة الدولة، اي انه لا يقدم المعاش والمنهجي في قراره السياسي، انما يقدم شعارات كبرى وولاءات ذات طبيعة مقدسة، او استجابة عاطفية لمحركات شعورية تشعره بالخوف على مكتسبات تحققت له.
اذا اجريت الانتخابات بذات الوعي الذي سيطر على الانتخابات السابقة، فسيعاد منطق الصراع على الدولة وتركيبة سلطاتها الفريدة في ضعفها ولا فاعليتها وعدم جديتها في جدولة الاولويات الخطيرة، وينبغي ان يتوجه الخطاب العقلاني الى الجمهور لكي يسهم في الخطوة الاولى نحو الاصلاح السياسي الذي يكون مقدمة لاصلاح شامل يعيد هندسة الوعي العراقي ويرتب اجنداته بشكل سليم.