د.صادق كاظم
ما واجهته قبل مدة خلال مراجعتي لأحد الاطباء بخصوص معالجة حالة مرضية بسيطة ومزمنة أعاني منها كل موسم جعلني أشعر بالصدمة، حيث الاساليب والممارسات غير الانسانية التي يلجأ اليها بعض الاطباء بدواعي استكمال العلاج.
ولتكوين صورة وافية عن الحالة رغم عدم الحاجة اليها اصلا، إذ قام الطبيب بعد اجراء الكشف وتطميني بان حالتي بسيطة ويمكن ايجاد العلاج الشافي والمناسب لها باخراج دفاتر تضم اوراقا بعناوين مختبرات مختلفة تبلغ اربعة تضمنت اجراء تحاليل للدم والهورمونات والاشعة، فضلا عن تحليل اخر رغم ان هذه التحاليل ليست لها علاقة بحالتي، واستجابة لامر الطبيب توجهت نحو هذه المختبرات التي تقع بالقرب من عيادة الطبيب ليتضح لاحقا انها تقيم شراكات تجارية مع هذا الطبيب وغيره، لأفاجأ لاحقا بأجور هذه الفحوصات التي أصر الطبيب على اجرائها والتي تبلغ اقياما غير معقولة، إذ كان مجموعها قد بلغ 300 الف دينار، رغم ان الكلفة الحقيقية لها تصل الى 60 الف دينار على الاقل، فما كان مني الا ان تركت العيادة رافضا مكتفيا بعلاج سابق لاحد الاطباء الذي وصفه لي من دون ان يكلفني سوى 40 الف دينار فقط. وكان امرا مميزا وملحوظا ان جميع مراجعي هذه العيادة بمختلف حالاتهم كانوا زبائن لهذه المختبرات الاربع جميعها من دون استثناء.
هذه السلوكيات الطبية الدخيلة والطارئة تخرج مهنة الطب من اطارها الانساني العظيم والذي هدفه الاسمى انقاذ حياة وارواح الناس نحو مسار تجاري لاإنساني بشع ينصب على الاموال وجنيها باكبر حصيلة ممكنة من خلال ابتداع طرق ملتوية في الفحص تجبر المراجعين والمرضى على القيام بها ودفع اموال طائلة لاصحاب العيادات والمختبرات لقاء ذلك، فضلا عن اسعار الادوية المرتفعة جدا والتي تصل احيانا الى عشرة اضعاف سعرها الحقيقي بزعم انها من مناشئ اجنبية.
هذه التكاليف الباهظة في اجور العلاج والدواء تجعل من حصول المواطنين عليها امرا صعبا، بل يكاد يكون مستحيلا، ويحرم فئات عديدة من هذا الحق، في وقت تقف فيه مؤسسات الدولة الرقابية والمعنية متفرجة من دون ان تضع حدا لهذه السلوكيات او تقننها، فضلا عن عدم قيام الدولة بتطوير المؤسسات الصحية لكي تكون قادرة على المنافسة مع العيادات الاهلية، فضلا عن اصدار تشريع قانوني كما هو معمول به في العديد من دول العالم يمنع فيه الاطباء من مزاولة العمل المزدوج الحكومي والاهلي والاكتفاء باحدهما فقط.