حارث رسمي الهيتي
في بولندا التي اجتاحتها المانيا النازية، وبتوجيه من هاينريك هملر وزير الداخلية النازي وقائد قوات الاس اس تم بناء معتقل أوشفيتس او أوشفيتز، هذا البناء الذي تحاكي وقائعه ورمزيته قصة الباستيل، ولاحقاً ستستنسخ تجربته في الكثير من البلدان، أوشفيتس الذي أغلق مطلع العام 1945 كان بجدرانه وباحاته ومخيماته شاهدا على أبشع نظام قنن الغاء الآخر، الآخر المختلف عن توجهات وافكار المجموع، مكاناً يتيح لمن فيه موت تختلف طرائقه، هذا إن بقى المرحّل اليه على قيد الحياة ولم يمت من رحلة القطار التي تستغرق ساعات طوالا ولم يختنق.
أكتب عن أوشفيتس والمانيا النازية وهتلر ونظامه العنصري الآن والعالم يحتفل بذكرى الانتصار عليها، أكتب عنه وقد رحل جسداً وبقيت أفكاره مثل جرذٍ قذر يمد رأسه من فتحة للمجاري، اكتب وأنا على يقين تام بأننا لم نتخلص من النازية بعد، النازية ليس باعتبارها النظام السياسي الذي حكم المانيا واجتاح الكثير من بلدان اوروبا، بل باعتبارها فلسفةً للقمع، افكاراً وطرقاً لالغاء الآخر، اكتب عنها باعتبارها تجربةً تستهوي دكتاتوريات العالم الكثيرة، فمن تجربة منظمة شباب هتلر التي كانت تجتذب اطفالاً بين 14 - 18 عاما استخلص صدام فكرته «اشبال صدام»، اطفالاً كانوا يقضون عطلتهم الصيفية في معسكرات للتدريب وهم يرتدون بزاتهم السود. وتبث لنا حينها القناة التلفزيونية الرسمية مقاطع فيديو لاطفال من معسكرات الاشبال وهم يقطعون ارنباً حياً بأسنانهم!
لاحقاً، اراد الكثير تطبيق مضمون ما جاء في قانون مواطنة الرايخ، في سنوات بعد 2003 حرّم على هذه الطائفة أن يتزوج ابناؤها من تلك، حرّم التعامل الاقتصادي في ما بينها، ونسج كل منهم حكاياتٍ تمجد طائفته وتحتقر الاخرى، بل وتحرض عليها لالغائها، هتلر لم يمت مطلقاً، ومن يبحث عنه سيجده في كل فكرةٍ تحاول أن تذهب بالآخر نحو حد السيف أو أن تقدّم له مظروفاً بداخله رصاصة.