صحيفة الدولة

آراء 2021/05/18
...

 حميد طارش
 
تعد الصحافة منفعة عامة لاغنى للناس عنها في تلقي منفعتها في اشباع حاجتهم بالمعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلاً عن أخبار الرياضة والفن والعلوم، وهذا ما يحقق الجدوى من تلك الصناعة الصحفية، بكل ماتعنيه مفردة صناعة من أموال ومؤهلات وتقنيات وتسويق ومصلحة لصاحب المال، فهذا الاخير لديه أهداف يبتغي تحقيقها عن طريق المنتج الصحفي، ولهذا قيل بأن الاستقلالية نسبية طالما هي مقيدة بغايات مرسومة سلفاً، لكن أغلب المختصين قالوا بأن المعايير المهنية للصحافة وضعت لحماية استقلاليتها وحياديتها ونزاهتها، أضف الى ذلك، التعددية في النشر لجميع التنوعات، من دون تمييز وكراهية وتحريض على العنف والعداء، فإن توافر مثل هذه المعايير واعتمادها في العمل الصحفي، من شأنه بلوغ الاستقلالية والحياد والنزاهة، بقدر واسع ومقبول ومحترم.
تنوعت الصحافة الى خاصة مستقلة وحزبية وصحافة دولة وصحافة حكومة وهنا أثيرت أشكالية صحافة الحكومة وصحافة الدولة وتجد هذه الاشكالية أساسها في الانظمة الدكتاتورية، التي لاتسمح بتعددية الصحافة وتمتلك ما يصدر من صحف، والاخيرة تعمل تحت رقابتها المشددة وهي لا تحمل من الصحافة سوى اسمها، وهذا مختلف تماما عن صحافة الدولة عندما تقوم الاخيرة بتأسيس صحافة بقصد الاسهام في عملية بناء الدولة وتعتمد المعايير المذكورة وتشترك معها في المجال الصحفي عدة صحف خاصة، فإن هذه الصحافة تكون مقبولة، بل ومطلوبة، خاصة في المراحل الانتقالية من حياة الدول بخلاف الدول المتقدمة التي وصلت فيها التقاليد السياسية والصحفية مستوى عالٍ من النضج والمهنية، وذلك من اجل التعبير عن رأي المجتمع، بكل شرائحه واتجاهاته واختلاف مصالحه، لإثارة الحوار بشأن رسم خارطة بناء الدولة، وبناءً على ما تقدم، فإن هذه الصحافة، ستكون الاكثر استقلالية وحيادية، بالمقارنة مع صحافة الاحزاب المعبرة عن رأي الاحزاب أو الصحافة المستقلة التي تنشد رؤيتها المرسومة سلفا، كما ستكون صحيفة الدولة صحيفة من لا يمتلك صحيفة من الفئات الضعيفة والمهمشة.
وهذا هو الفرق بين جريدة الثورة في زمن النظام السابق، كصحيفة حكومة، وجريدة الصباح، كصحيفة دولة، ولعل انتقاد أحد المسؤولين السابقين لصحيفة الصباح بالقول نحن من يقرر الاموال للجريدة في الموازنة وهي لا تأتمر لأمرنا خير شهادة لها، واما صحف الاحزاب فهي ما زالت منبراً لها.